[ ص: 69 ] فهل يهلك إلا القوم الفاسقون فرع على جملة
كأنهم يوم يرون ما يوعدون إلى " من نهار " ، أي فلا يصيب العذاب إلا المشركين أمثالهم .
والاستفهام مستعمل في النفي ، ولذلك صح الاستثناء منه كقوله - تعالى -
ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه .
ومعنى التفريع أنه قد اتضح مما سمعت أنه لا يهلك إلا القوم الفاسقون ، وذلك من قوله
قل ما كنت بدعا من الرسل ، وقوله
لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين إلى قوله
ولا هم يحزنون ، وقوله
ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى الآية .
والإهلاك مستعمل في معنييه الحقيقي والمجازي ، فإن ما حكي فيما مضى بعضه إهلاك حقيقي مثل ما في قصة
عاد ، وما في قوله
ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى ، وبعضه مجازي وهو سوء الحال ، أي عذاب الآخرة : وذلك فيما حكي من عذاب الفاسقين .
وتعريف القوم تعريف الجنس ، وهو مفيد العموم ، أي كل القوم الفاسقين فيعم مشركي
مكة الذين عناهم القرآن فكان لهذا التفريع معنى التذييل .
والتعبير بالمضارع في قوله
فهل يهلك على هذا الوجه لتغليب إهلاك المشركين الذي لما يقع على إهلاك الأمم الذين قبلهم .
ولك أن تجعل التعريف تعريف العهد ، أي القوم المتحدث عنهم في قوله
كأنهم يوم يرون ما يوعدون الآية ، فيكون إظهارا في مقام الإضمار للإيماء إلى سبب إهلاكهم أنه الإشراك .
والمراد بالفسق هنا الفسق عن الإيمان وهو فسق الإشراك .
وأفاد الاستثناء أن غيرهم لا يهلكون هذا الهلاك ، أو هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات .