إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم استئناف بياني جواب سؤال يخطر ببال سامع قوله
بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم عن حال المؤمنين في الآخرة وعن رزق الكافرين في الدنيا ، فبين الله أن من ولايته المؤمنين أن يعطيهم النعيم الخالد بعد النصر في الدنيا ، وأن ما أعطاه الكافرين في الدنيا لا عبرة به لأنهم مسلوبون من فهم الإيمان فحظهم من الدنيا أكل وتمتع كحظ الأنعام ، وعاقبتهم في عالم الخلود العذاب ، فقوله
والنار مثوى لهم في معنى قوله في سورة آل عمران
لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد .
وهذا الاستئناف وقع اعتراضا بين جملة
أفلم يسيروا في الأرض وجملة
وكأين من قرية الآية .
والمجرور من قوله
كما تأكل الأنعام في محل الحال من ضمير " يأكلون " ، أو في محل الصفة لمصدر محذوف هو مفعول مطلق لـ " يأكلون " لبيان نوعه .
والتمتع : الانتفاع القليل بالمتاع ، وتقدم في قوله
متاع قليل في سورة آل عمران ، وقوله
ومتاع إلى حين في سورة الأعراف .
[ ص: 90 ] والمثوى : مكان الثواء ، والثواء : الاستقرار ، وتقدم في قوله
قال النار مثواكم في الأنعام .
وعدل عن الإضافة فقيل مثوى لهم بالتعليق باللام التي شأنها أن تنون في الإضافة ليفاد بالتنوين معنى التمكن من القرار في النار ، " مثوى " أي مثوى قويا لهم لأن الإخبار عن النار في هذه الآية حصل قبل مشاهدتها ، فلذلك أضيفت في قوله
قال النار مثواكم لأنه إخبار عنها وهم يشاهدونها في المحشر .