فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون بعد أن أكد الكلام بالقسم بـ الذاريات وما عطف عليها فرع على ذلك زيادة تأكيد بالقسم بخالق السماء والأرض على أن ما يوعدون حق فهو عطف على الكلام السابق ومناسبته قوله " وما توعدون " .
وإظهار اسم السماء والأرض دون ذكر ضميرهما لإدخال المهابة في نفوس السامعين بعظمة الرب سبحانه .
وضمير " إنه لحق " عائد إلى " ما توعدون " . وهذا من رد العجز على الصدر لأنه رد على قوله أول السورة
إنما توعدون لصادق وانتهى الغرض .
وقوله
مثل ما أنكم تنطقون زيادة تقرير لوقوع ما أوعدوه بأن شبه بشيء معلوم كالضرورة لا امتراء في وقوعه وهو كون المخاطبين ينطقون . وهذا نظير قولهم : كما أن قبل اليوم أمس ، أو كما أن بعد اليوم غدا . وهو من التمثيل بالأمور المحسوسة ، ومنه تمثيل سرعة الوصول لقرب المكان في قول
زهير :
فهن ووادي الرس كاليد للفم
وقولهم : مثل ما أنك هاهنا ، وقولهم : كما أنك ترى وتسمع .
[ ص: 356 ] وقرأ الجمهور " مثل " بالنصب على أنه صفة حال محذوف قصد منه التأكيد . والتقدير : إنه لحق حقا مثل ما أنكم تنطقون .
وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وأبو بكر عن
عاصم وخلف مرفوعا على الصفة " لحق " صفة أريد بها التشبيه .
و ( ما ) الواقعة بعد " مثل " زائدة للتوكيد . وأردفت بـ ( أن ) المفيدة للتأكيد تقوية لتحقيق حقية ما يوعدون .
واجتلب المضارع في " تنطقون " دون أن يقال : نطقكم ، يفيد التشبيه بنطقهم المتجدد وهو أقوى في الوقوع لأنه محسوس .