صفحة جزء
قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير .

انتقال من التحذير المجمل إلى ضرب من ضروب تفصيله ، وهو إشعار المحذر باطلاع الله على ما يخفونه من الأمر .

وذكر الصدور هنا والمراد البواطن والضمائر : جريا على معروف اللغة من إضافة الخواطر النفسية إلى الصدر والقلب ، لأن الانفعالات النفسانية وترددات التفكر ونوايا النفوس كلها يشعر لها بحركات في الصدور .

وزاد أو تبدوه فأفاد تعميم العلم تعليما لهم بسعة علم الله تعالى لأن مقام إثبات صفات الله تعالى يقتضي الإيضاح .

وجملة ويعلم ما في السماوات وما في الأرض معطوفة على جملة الشرط فهي معمولة لفعل " قل " وليست معطوفة على جواب الشرط : لأن علم الله بما في السماوات وما في الأرض ثابت مطلقا غير معلق على إخفاء ما في نفوسهم وإبدائه ، وما في الجملة من التعميم يجعلها في قوة التذييل .

وقوله : والله على كل شيء قدير إعلام بأنه مع العلم ذو قدرة على كل شيء ، وهذا من التهديد ; إذ المهدد لا يحول بينه وبين تحقيق وعيده إلا أحد أمرين : الجهل بجريمة المجرم ، أو العجز عنه ، فلما أعلمهم بعموم علمه ، وعموم قدرته ، علموا أن الله لا يفلتهم من عقابه .

وإظهار اسم الله دون ضميره فلم يقل وهو على كل شيء قدير : لتكون الجملة مستقلة فتجري مجرى المثل ، والجملة لها معنى التذييل . والخطاب للمؤمنين تبعا لقوله لا يتخذ المؤمنون الكافرين ، الآية .

التالي السابق


الخدمات العلمية