[ ص: 144 ] وأنه هو أمات وأحيا انتقل من الاعتبار بانفراد الله بالقدرة على إيجاد أسباب المسرة والحزن وهما حالتان لا تخلو عن إحداهما نفس الإنسان إلى العبرة
بانفراده تعالى بالقدرة على الإحياء والإماتة ، وهما حالتان لا يخلو الإنسان عن إحداهما فإن الإنسان أول وجوده نطفة ميتة ثم علقة ثم مضغة - قطعة ميتة وإن كانت فيها مادة الحياة إلا أنها لم تبرز مظاهر الحياة فيها - ثم ينفخ فيه الروح ثم يصير إلى حياة وذلك بتدبير الله تعالى وقدرته .
ولعل المقصود هو العبرة بالإماتة لأنها أوضح عبرة وللرد عليهم قولهم وما يهلكنا إلا الدهر ، وأن عطف " وأحيا " تتميم واحتراس كما في قوله الذي خلق الموت والحياة . ولذلك قدم أمات على أحيا مع الرعاية على الفاصلة كما تقدم في أضحك وأبكى .
وموقع الجملة كموقع جملة وأن سعيه سوف يرى . فإن كان مضمونها مما شملته صحف
إبراهيم كان المحكي بها من كلام
إبراهيم ما حكاه الله عنه بقوله
والذي يميتني ثم يحيين .
وفعلا أمات وأحيا منزلان منزلة اللازم كما تقدم في قوله
وأنه هو أضحك وأبكى إظهارا لبديع القدرة على هذا الصنع الحكيم مع التعريض بالاستدلال على كيفية البعث وإمكانه حيث أحاله المشركون ، وشاهده في خلق أنفسهم .
وضمير الفصل للقصر على نحو قوله
وأنه هو أضحك وأبكى ردا على أهل الجاهلية الذين يسندون الإحياء والإماتة إلى الدهر فقالوا وما يهلكنا إلا الدهر . فليس المراد الحياة الآخرة ؛ لأن المتحدث عنهم لا يؤمنون بها ، ولأنها مستقبلة والمتحدث عنه ماض .
وفي هذه الآية محسن الطباق أيضا لما بين الحياة والموت من التضاد .