وكذبوا واتبعوا أهواءهم هذا إخبار عن حالهم فيما مضى بعد أن أخبر عن حالهم في المستقبل بالشرط الذي في قوله
وإن يروا آية يعرضوا . ومقابلة ذلك بهذا فيه شبه احتباك كأنه قيل : وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا : سحر ، وقد رأوا الآيات وأعرضوا وقالوا : سحر مستمر ، وكذبوا واتبعوا أهواءهم ، وسيكذبون ويتبعون أهواءهم .
وعطف
واتبعوا أهواءهم عطف العلة على المعلول ، لأن تكذيبهم لا دافع لهم إليه إلا اتباع ما تهواه أنفسهم من بقاء حالهم على ما ألفوه وعهدوه واشتهر دوامه .
وجمع الأهواء دون أن يقول واتبعوا الهوى كما قال
إن يتبعون إلا الظن ، حيث إن الهوى اسم جنس يصدق بالواحد والمتعدد ، فعدل عن الإفراد إلى
[ ص: 173 ] الجمع لمزاوجة ضمير الجمع المضاف إليه ، وللإشارة إلى أن لهم أصنافا متعددة من الأهواء : من حب الرئاسة ، ومن حسد المؤمنين على ما آتاهم الله ، ومن حب اتباع ملة آبائهم ، ومن محبة أصنامهم ، وإلف لعوائدهم ، وحفاظ على أنفتهم .