ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون .
أعقب دليل
إمكان البعث المستند للتنبيه على صلاحية القدرة الإلهية لذلك ولسد منافذ الشبهة بدليل من قياس التمثيل ، وهو تشبيه النشأة الثانية بالنشأة الأولى المعلومة عندهم بالضرورة ، فنبهوا ليقيسوا عليها النشأة الثانية في أنها إنشاء من أثر قدرة الله وعلمه ، وفي أنهم لا يحيطون علما بدقائق حصولها .
[ ص: 319 ] فالعلم المنفي في قوله فيما لا تعلمون وهو العلم التفصيلي ، والعلم المثبت في قوله
ولقد علمتم النشأة الأولى وهو العلم الإجمالي ، والإجمالي كاف في الدلالة على التفصيلي إذ لا أثر للتفصيل في الاعتقاد .
وفي المقابلة بين قوله فيما لا تعلمون بقوله ولقد علمتم محسن الطباق .
ولما كان علمهم بالنشأة الأولى كافيا لهم في إبطال إحالتهم النشأة الثانية رتب عليه من التوبيخ ما لم يرتب مثله على قوله
وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم وننشئكم فيما لا تعلمون فقال
فلولا تذكرون ، أي هلا تذكرتم بذلك فأمسكتم عن الجحد ، وهذا تجهيل لهم في تركهم قياس الأشباه على أشباهها ، ومثله قوله آنفا
نحن خلقناكم فلولا تصدقون .
وجيء بالمضارع في قوله ( تذكرون ) للتنبيه على أن باب التذكر مفتوح فإن فاتهم التذكر فيما مضى فليتداركوه الآن .
وقرأ الجمهور ( النشأة ) بسكون الشين تليها همزة مفتوحة مصدر نشأ على وزن المرة وهي مرة الجنس . وقرأه
ابن كثير ،
وأبو عمرو وحده بفتح الشين بعدها ألف تليها همزة ، وهو مصدر على وزن الفعالة على غير قياس ، وقد تقدم في سورة العنكبوت .