ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب الإشارة إلى جميع ما ذكر من إخراج الذين كفروا من ديارهم ، وقذف الرعب في قلوبهم ، وتخريب بيوتهم ، وإعداد العذاب لهم في الآخرة .
والباء للسببية وهي جارة للمصدر المنسبك من ( أن ) وجملتها .
والمشاقة : المخاصمة والعداوة ، قال تعالى
ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم وقد تقدم نظيره في أول الأنفال .
والمشاقة كالمحادة مشتقة من الاسم . وهو الشق ، كما اشتقت المحادة من الحد ، كما تقدم في أول سورة المجادلة . وتقدم في سورة النساء
وإن خفتم شقاق بينهما .
وقد كان
بنو النضير ناصبوا المسلمين العداء بعد أن سكنوا
المدينة وأضروا المنافقين وعاهدوا مشركي أهل
مكة كما علمت آنفا .
وجملة
ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب تذييل ، أي شديد العقاب لكل من يشاققه من هؤلاء وغيرهم .
[ ص: 75 ] وعطف اسم الرسول - صلى الله عليه وسلم - على اسم الجلالة في الجملة الأولى لقصد تعظيم شأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليعلموا أن طاعته طاعة لله لأنه إنما يدعو إلى ما أمره الله بتبليغه ولم يعطف اسم الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الجملة الثانية استغناء بما علم من الجملة الأولى .
وأدغم القافان في يشاق لأن الإدغام والإظهار من مثله جائزان في العربية . وقرئ بهما في قوله تعالى
ومن يرتدد منكم عن دينه في سورة العقود . والفك لغة الحجاز . والإدغام لغة بقية العرب .
وجملة فإن الله شديد العقاب دليل جواب ( من ) الشرطية إذ التقدير : ومن يشاقق الله فالله معاقبهم إنه شديد العقاب .