وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب .
عطف على جملة ( يغفر لكم ) ( ويدخلكم ) عطف الاسمية على الفعلية . وجيء بالإسمية لإفادة الثبوت والتحقق . ف ( أخرى ) مبتدأ خبره محذوف دل
[ ص: 196 ] عليه قوله ( أدلكم ) من قوله ( يغفر لكم ) . والتقدير : أخرى لكم ، ولك أن تجعل الخبر قوله ( نصر من الله ) .
وجيء به وصفا مؤنثا بتأويل نعمة ، أو فضيلة ، أو خصلة مما يؤذن به قوله ( يغفر لكم ذنوبكم ) إلى آخره من معنى النعمة والخصلة كقوله تعالى
وأخرى لم تقدروا عليها في سورة الفتح .
ووصف ( أخرى ) بجملة ( تحبونها ) إشارة إلى الامتنان عليهم بإعطائهم ما يحبون في الحياة الدنيا قبل إعطاء نعيم الآخرة . وهذا نظير قوله تعالى
فلنولينك قبلة ترضاها .
و ( نصر من الله ) بدل من ( أخرى ) ، ويجوز أن يكون خبرا عن أخرى . والمراد به النصر العظيم ، وهو نصر فتح
مكة فإنه كان نصرا على أشد أعدائهم الذين فتنوهم وآذوهم وأخرجوهم من ديارهم وأموالهم وألبوا عليهم العرب والأحزاب . وراموا تشويه سمعتهم ، وقد انضم إليه نصر الدين بإسلام أولئك الذين كانوا من قبل أيمة الكفر ومساعير الفتنة ، فأصبحوا مؤمنين إخوانا وصدق الله وعده بقوله
عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة وقوله
واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا .
وذكر اسم الجلالة يجوز أن يكون إظهارا في مقام الإضمار على احتمال أن يكون ضمير التكلم في قوله ( هل أدلكم ) كلاما من الله تعالى ، ويجوز أن يكون جاريا على مقتضى الظاهر إن كان الخطاب أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتقدير ( قل ) .
ووصف الفتح بـ ( قريب ) تعجيل بالمسرة .
وهذه الآية من معجزات القرآن الراجعة إلى الإخبار بالغيب .