قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون .
تصريح بما اقتضاه التذييل من الوعيد وعدم الانفلات من الجزاء عن أعمالهم ولو بعد زمان وقوعها لأن طول الزمان لا يؤثر في علم الله نسيانا ، إذ هو عالم الغيب والشهادة . وموقع هذه الجملة موقع بدل الاشتمال من جملة
فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ، وإعادة فعل ( قل ) من قبيل إعادة العامل في المبدل منه كقوله تعالى
تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا في سورة العقود .
ووصف الموت ب
الذي تفرون منه للتنبيه على أن هلعهم من الموت خطأ كقول
علقمة :
[ ص: 219 ] إن الذين ترونهم إخوانكم يشفي غليل صدورهم أن تصرعوا
وأطلق الفرار على شدة الحذر على وجه الاستعارة .
واقتران خبر إن بالفاء في قوله
فإنه ملاقيكم لأن اسم إن نعت باسم الموصول والموصول كثيرا ما يعامل معاملة الشرط فعومل اسم إن المنعوت بالموصول معاملة نعته .
وإعادة إن الأولى لزيادة التأكيد كقول
جرير :
إن الخليفة إن الله سربله سربال ملك به ترجى الخواتيم
وتقدم عند قوله تعالى
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا في سورة الكهف . وفي سورة الحج أيضا .
والإنباء بما كانوا يعملون كناية عن الحساب عليه ، وهو تعريض بالوعيد .