وتلك حدود الله الواو اعتراضية والجملة معترضة بين جملة (
ولا يخرجن ) ، وجملة (
لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ) أريد بهذا الاعتراض المبادرة بالتنبيه إلى إقامة الأحكام المذكورة من أول السورة إقامة لا تقصير فيها ولا خيرة لأحد في التسامح بها ، وخاصة المطلقة والمطلق أن يحسبا أن ذلك من حقهما انفرادا أو اشتراكا .
والإشارة إلى الجمل المتقدمة باعتبار معانيها بتأويل القضايا .
والحدود : جمع حد وهو ما يحد ، أي يمنع من الاجتياز إلى ما ورائه للأماكن التي لا يحبون الاقتحام فيها إما مطلقا مثل حدود الحمى وإما لوجوب تغيير الحالة مثل حدود الحرم لمنع الصيد وحدود المواقيت للإحرام بالحج والعمرة .
والمعنى : أن هذه الأحكام مشابهة الحدود في المحافظة على ما تقتضيه في هذا .
[ ص: 305 ] ووجه الشبه إنما يراعى بما يسمح به عرف الكلام مثل قولهم ( النحو في الكلام كالملح في الطعام ) فإن وجه التشبيه أنه لا يصلح الكلام بدونه وليس ذلك بمقتض أن يكون الكثير من النحو في الكلام مفسدا ككثرة الملح في الطعام .
ووقوع حدود الله خبرا عن اسم الإشارة الذي أشير به إلى أشياء معينة يجعل إضافة حدود إلى اسم الجلالة مرادا منها تشريف المضاف وتعظيمه .
والمعنى : وتلك مما حد الله فلا تفيد تعريف الجمع بالإضافة عموما لصرف القرينة عن إفادة ذلك لظهور أن تلك الأشياء المعينة ليست جميع حدود الله .