[ ص: 309 ] وأشهدوا ذوي عدل منكم .
ظاهر وقوع هذا الأمر بعد ذكر الإمساك أو الفراق ، أنه راجع إلى كليهما لأن الإشهاد جعل تتمة للمأمور به في معنى الشرط للإمساك أو الفراق لأن هذا العطف يشبه القيد وإن لم يكن قيدا وشأن الشروط الواردة بعد جمل أن تعود إلى جميعها .
وظاهر صيغة الأمر الدلالة على الوجوب فيتركب من هذين أن يكون الإشهاد على المراجعة وعلى بت الطلاق واجبا على الأزواج لأن الإشهاد يرفع أشكالا من النوازل وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وأخذ به
nindex.php?page=showalam&ids=17320يحيى بن بكير من المالكية
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في أحد قوليه
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل في أحد قوليه وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس وإبراهيم وأبي قلابة وعطاء . وقال الجمهور : الإشهاد المأمور به
الإشهاد على المراجعة دون بت الطلاق .
أما مقتضى صيغة الأمر في قوله تعالى {
وأشهدوا ذوي عدل } فقيل هو مستحب وهو قول
أبي حنيفة والمشهور عن
مالك فيما حكاه
ابن القصار ولعل مستند هذا القول عدم جريان العمل بالتزامه بين المسلمين في عصر الصحابة وعصور أهل العلم ، وقياسه على الإشهاد بالبيع فإنهم اتفقوا على عدم وجوبه وكلا هذين مدخول لأن دعوى العمل بترك الإشهاد دونها منع ، ولأن قياس الطلاق والرجعة على البيع قد يقدح فيه بوجود فارق معتبر وهو خطر الطلاق والمراجعة وأهمية ما يترتب عليهما من الخصومات بين الأنساب ، وما في البيوعات مما يغني عن الإشهاد وهو التقايض في الأعواض . وقيل الأمر للوجوب المراجعة دون الفرقة وهو أحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأحمد ونسبه
إسماعيل بن حماد من فقهاء المالكية
ببغداد إلى
مالك وهو ظاهر مذهب
ابن بكير .
واتفق الجميع على أن هذا الإشهاد ليس شرطا في صحة المراجعة أو المفارقة لأنه إنما شرع احتياطا لحقهما وتجنبا لنوازل الخصومات خوفا من أن يموت فتدعي أنها زوجة لم تطلق ، أو أن تموت هي فيدعي هو ذلك ، وكأنهم بنوه على أن الأمر لا يقتضي الفور ، على أن جعل الشيء شرطا لغيره يحتاج إلى دليل خاص غير دليل الوجوب لأنه قد يتحقق الإثم بتركه ولا يبطل بتركه ما أمر بإيقاعه معه مثل
[ ص: 310 ] الصلاة في الأرض المغصوبة . وبالثوب المغصوب . قال الموجبون للإشهاد لو راجع ولم يشهد أو بت الفراق ولم يشهد صحت مراجعته ومفارقته وعليه أن يشهد بعد ذلك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=17320يحيى بن بكير :
معنى الإشهاد على المراجعة والمفارقة أن يشهد عند مراجعتها إن راجعها ، وعند انقضاء عدتها إن لم يراجعها أنه قد كان طلقها وأن عدتها قد انقضت .
ولفقهاء الأمصار في صفة ما تقع المراجعة من صيغة بالقول ومن فعل ما هو من أفعال الأزواج تفاصيل محلها كتب الفروع ولا يتعلق بالآية إلا ما جعله أهل العلم دليلا على المراجعة عند من جعله كذلك .