إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير اعتراض يفيد استئنافا بيانيا جاء على سنن أساليب القرآن من تعقيب الرهبة بالرغبة ، فلما ذكر ما أعد للكافرين المعرضين عن خشية الله أعقبه بما أعد للذين يخشون ربهم بالغيب من المغفرة والثواب للعلم بأنهم يترقبون ما يميزهم عن أحوال المشركين .
وقدم المغفرة تطمينا لقلوبهم ؛ لأنهم يخشون المؤاخذة على ما فرط منهم من الكفر قبل الإسلام ومن اللمم ونحوه ، ثم أعقبت بالبشارة بالأجر العظيم ، فكان الكلام جاريا على قانون تقديم التخلية ، أو تقديم دفع الضر على جلب النفع ، والوصف بالكبير بمعنى العظيم نظير ما تقدم آنفا في قوله
إن أنتم إلا في ضلال كبير .
وتنكير ( مغفرة ) للتعظيم بقرينة مقارنته ب (
أجر كبير ) وبقرينة التقديم ، وتقديم المسند على المسند إليه في جملة (
لهم مغفرة ) ليتأتى تنكير المبتدإ ، ولإفادة الاهتمام ، وللرعاية على الفاصلة وهي نكت كثيرة .