إن للمتقين عند ربهم جنت النعيم استئناف بياني لأن من شأن ما ذكر من عذاب الآخرة للمجرمين أن ينشأ عنه سؤال في نفس السامع بقول : فما جزاء المتقين ؟ وهو كلام معترض بين أجزاء الوعيد والتهديد وبين قوله
سنسمه على الخرطوم وقوله
كذلك العذاب . وقد أشعر بتوقع هذا السؤال قوله بعده
أفنجعل المسلمين كالمجرمين كما سيأتي .
وتقديم المسند على المسند إليه للاهتمام بشأن المتقين ليسبق ذكر صفتهم العظيمة ذكر جزائها .
واللام للاستحقاق . و ( عند ) ظرف متعلق بمعنى الكون الذي يقتضيه حرف الجر ، ولذلك قدم متعلقه معه على المسند إليه لأجل ذلك الاهتمام . وقد حصل من تقديم المسند بما معه طول يثير تشويق السامع إلى المسند إليه . والعندية هنا عندية كرامة واعتناء .
[ ص: 91 ] وإضافة جنات إلى النعيم تفيد أنها عرفت به فيشار بذلك إلى ملازمة النعيم لها ؛ لأن أصل الإضافة أنها بتقدير لام الاستحقاق ف
جنات النعيم مفيد أنها استحقها النعيم ؛ لأنها ليس في أحوالها إلا حال نعيم أهلها ، فلا يكون فيها ما يكون من جنات الدنيا من المتاعب مثل الحر في بعض الأوقات أو شدة البرد أو مثل الحشرات والزنابير ، أو ما يؤذي مثل شوك الأزهار والأشجار وروث الدواب وذرق الطير .