فهل ترى لهم من باقية تفريع على مجموع قصتي ثمود وعاد ، فهو فذلكة لما فصل من حال إهلاكهما ، وذلك من قبيل الجمع بعد التفريق ، فيكون في أول الآية جمع ثم تفريق ثم جمع وهو كقوله تعالى (
وأنه أهلك عادا الأولى وثمود فما أبقى ) ، أي فما أبقاهما .
والخطاب لغير معين .
والباقية : إما اسم فاعل على بابه ، والهاء : إما للتأنيث بتأويل نفس ، أي فما ترى منهم نفس باقية أو بتأويل فرقة ، أي ما ترى فرقة منهم باقية .
ويجوز أن تكون ( باقية ) مصدرا على وزن فاعلة مثل ما تقدم في الحاقة ، أي فما ترى لهم بقاء ، أي هلكوا عن بكرة أبيهم .
واللام في قوله ( لهم ) يجوز أن تجعل لشبه الملك ، أي باقية لأجل النفع ، ويجوز أن يكون اللام بمعنى ( من ) مثل قولهم : سمعت له صراخا ، وقول
الأعشى :
[ ص: 120 ] نسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت كما استعان بريح عشرق زجـل
وقول
جرير :
ونحن لكم يوم القيامة أفضل
أي ونحن منكم أفضل .
ويجوز أن تكون اللام التي تنوى في الإضافة إذا لم تكن الإضافة على معنى ( من ) . والأصل : فهل ترى باقيتهم ، فلما قصد التنصيص على عموم النفي واقتضى ذلك جلب ( من ) الزائدة لزم تنكير مدخول ( من ) الزائدة فأعطي حق معنى الإضافة بإظهار اللام التي الشأن أن تنوى كما في قوله تعالى
بعثنا عليكم عبادا لنا فإن أصله : عبادنا .
وموقع المجرور باللام في موقع النعت ل " باقية " قدم عليها فصار حالا .