والله جعل لكم الأرض بساطا لتسلكوا منها سبلا فجاجا هذا استدلال وامتنان ، ولذلك علق بفعل ( جعل ) مجرور بلام التعليل وهو ( لكم ) أي : لأجلكم .
والبساط : ما يفرش للنوم عليه والجلوس من ثوب أو زربية ، فالإخبار عن الأرض ببساط تشبيه بليغ ، أي : كالبساط . ووجه الشبه
تناسب سطح الأرض في تعادل أجزائه بحيث لا يوجع أرجل الماشين ولا يقض جنوب المضطجعين ، وليس المراد أن الله جعل حجم الأرض كالبساط ؛ لأن حجم الأرض كروي ، وقد نبه على ذلك بالعلة الباعثة في قوله ( لكم ) ، والعلة الغائبة في قوله
لتسلكوا منها سبلا وحصل من مجموع العلتين الإشارة إلى جميع النعم التي تحصل للناس من تسوية سطح الأرض مثل الحرث والزرع ، وإلى نعمه خاصة وهي السير في الأرض وخصت بالذكر لأنها أهم لاشتراك كل الناس في الاستفادة منها .
والسبل : جمع سبيل وهو الطريق ، أي : لتتخذوا لأنفسكم سبلا من الأرض تهتدون بها في أسفاركم .
والفجاج : جمع فج ، والفج : الطريق الواسع ، وأكثر ما يطلق على الطريق بين جبلين ؛ لأنه يكون أوسع من الطريق المعتاد .