[ ص: 291 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة المدثر
تسمى في كتب التفسير ( سورة المدثر ) وكذلك سميت في المصاحف التي رأيناها ومنها كتب في
القيروان في القرن الخامس .
وأريد بالمدثر النبيء - صلى الله عليه وسلم - موصوفا بالحالة التي نودي بها ، كما سميت بعض السور بأسماء الأنبياء الذين ذكروا فيها .
وإما تسمية باللفظ الذي وقع فيها ، ونظيره ما تقدم في تسمية ( سورة المزمل ) ، ومثله ما تقدم في سورة المجادلة من احتمال فتح الدال أو كسرها .
وهي مكية حكى الاتفاق على ذلك
ابن عطية والقرطبي ولم يذكرها في الإتقان في السور التي بعضها مدني . وذكر
الألوسي أن صاحب التحرير -
محمد بن النقيب المقدسي المتوفى سنة 698 له تفسير - ذكر قول مقاتل أو قوله تعالى
وما جعلنا عدتهم إلا فتنة إلخ ، نزل
بالمدينة اهـ . ولم نقف على سنده في ذلك ولا رأينا ذلك لغيره وسيأتي .
[ ص: 292 ] قيل إنها ثانية السور نزولا وإنها لم ينزل قبلها إلا سورة (
اقرأ باسم ربك ) وهو الذي جاء في حديث
عائشة في الصحيحين
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002752في صفة بدء الوحي أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال اقرأ باسم ربك الذي خلق إلى ما لم يعلم ثم قالت : ثم فتر الوحي . فلم تذكر نزول وحي بعد آيات
اقرأ باسم ربك .
وكذلك حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن من طرق كثيرة وبألفاظ يزيد بعضها على بعض . وحاصل ما يجتمع من طرقه : قال
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله وهو يحدث عن فترة الوحي قال في حديثه : إن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002753فبينا أنا أمشي سمعت صوتا من السماء فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فلم أر شيئا فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فجئت منه رعبا فأتيت nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة فقلت : دثروني فدثروني زاد غير
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب من روايته
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002754وصبوا علي ماء باردا فدثروني وصبوا علي ماء باردا . قال
النووي : صب الماء لتسكين الفزع . فأنزل الله
يا أيها المدثر إلى
والرجز فاهجر ثم حمي الوحي وتتابع اهـ .
ووقع في صحيح
مسلم عن
جابر : أنها أول القرآن ، سورة المدثر ، وهو الذي يقول في حديثه أن رسول الله يحدث عن فترة الوحي وإنما تقع الفترة بين شيئين فتقتضي وحيا نزل قبل سورة المدثر وهو ما بين في حديث
عائشة .
وقد تقدم في صدر سورة المزمل قول
nindex.php?page=showalam&ids=11867جابر بن زيد : أن سورة القلم نزلت بعد سورة العلق وأن سورة المزمل ثالثة ، وأن سورة المدثر رابعة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11867جابر بن زيد : نزلت بعد المدثر سورة الفاتحة . ولا شك أن سورة المدثر نزلت قبل المزمل وأن عناد المشركين كان قد تزايد بعد نزول سورة المدثر فكان التعرض لهم في سورة المزمل أوسع .
وقد وقع في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وجامع
الترمذي من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب أن نزول هذه السورة كان قبل أن تفرض الصلاة .
والصلاة فرضت بعد فترة الوحي سواء كانت خمسة أو أقل ، وسواء كانت واجبة كما هو ظاهر قولهم : فرضت أم كانت مفروضة بمعنى مشروعة ،
وفترة الوحي [ ص: 293 ] مختلف في مدتها اختلافا كثيرا فقيل كانت سنتين ونصفا ، وقيل : أربعين يوما ، وقيل : خمسة عشر يوما ، والأصح أنها كانت أربعين يوما . فيظهر أن المدثر نزلت في السنة الأولى من البعثة وأن الصلاة فرضت عقب ذلك كما يشعر به ترتيب
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق في سوق حوادث سيرته .
وعد
أهل المدينة في عدهم الأخير الذي أرسوا عليه ،
وأهل الشام آيها خمسا وخمسين ، وعدها
أهل البصرة والكوفة وأهل المدينة في عدهم الأول الذي رجعوا عنه ستا وخمسين .