والنازعات غرقا والناشطات نشطا والسابحات سبحا فالسابقات سبقا فالمدبرات أمرا يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة أبصارها خاشعة .
ابتدئت بالقسم بمخلوقات ذات صفات عظيمة قسما مرادا منه تحقيق ما بعده من الخبر ، وفي هذا القسم تهويل المقسم به .
وهذه الأمور الخمسة المقسم بها جموع جرى لفظها على صيغة الجمع بألف وتاء ; لأنها في تأويل جماعات تتحقق فيها الصفات المجموعة ، فهي جماعات :
[ ص: 61 ] نازعات ، ناشطات ، سابحات ، سابقات ، مدبرات ، فتلك صفات لموصوفات محذوفة تدل عليها الأوصاف الصالحة لها .
فيجوز أن تكون صفات لموصوفات من نوع واحد له أصناف تميزها تلك الصفات .
ويجوز أن تكون صفات لموصوفات مختلفة الأنواع بأن تكون كل صفة خاصية من خواص نوع من الموجودات العظيمة قوامه بتلك الصفة .
والذي يقتضيه غالب الاستعمال أن المتعاطفات بالواو صفات مستقلة لموصوفات مختلفة أنواع أو أصناف ، أو لموصوف واحد له أحوال متعددة ، وأن المعطوفات بالفاء صفات متفرعة عن الوصف الذي عطفت عليه بالفاء ، فهي صفات متعددة متفرع بعضها عن بعض لموصوف واحد فيكون قسما بتلك الأحوال العظيمة باعتبار موصوفاتها .
وللسلف من المفسرين أقوال في تعيين موصوفات هذه الأوصاف وفي تفسير معاني الأوصاف ، وأحسن الوجوه على الجملة أن كل صفة مما عطف بالواو مرادا بها موصوف غير المراد بموصوف الصفة الأخرى ، وأن كل صفة عطفت بالفاء أن تكون حالة أخرى للموصوف المعطوف بالواو كما تقدم ، وسنعتمد في ذلك أظهر الوجوه وأنظمها ونذكر ما في ذلك من الاختلاف ليكون الناظر على سعة بصيرة .
وهذا الإجمال مقصود لتذهب أفهام السامعين كل مذهب ممكن ، فتكثر خطور المعاني في الأذهان ، وتتكرر الموعظة والعبرة باعتبار وقع كل معنى في نفس له فيها أشد وقع وذلك من وفرة المعاني مع إيجاز الألفاظ .
فالنازعات : وصف مشتق من النزع ، ومعاني النزع كثيرة كلها ترجع إلى الإخراج والجذب ، فمنه حقيقة ومنه مجاز .
فيحتمل أن يكون النازعات جماعة من الملائكة وهم الموكلون بقبض الأرواح ، فالنزع هو إخراج الروح من الجسد ، شبه بنزع الدلو من البئر أو الركية ، ومنه قولهم في المحتضر : هو في النزع . وأجريت صفتهم على صيغة التأنيث بتأويل الجماعة أو الطوائف كقوله تعالى :
قالت الأعراب آمنا .
[ ص: 62 ] وروي هذا عن
علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
ومجاهد ،
ومسروق ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير ،
والسدي ، فأقسم الله بالملائكة لأنها من أشرف المخلوقات ، وخصها بهذا الوصف الذي هو من تصرفاتها تذكيرا للمشركين ؛ إذ هم في غفلة عن الآخرة وما بعد الموت ، ولأنهم شديد تعلقهم بالحياة كما قال تعالى لما ذكر
اليهود :
ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا فالمشركون مثل في حب الحياة ، ففي القسم بملائكة قبض الأرواح عظة لهم وعبرة .
والقسم على هذا الوجه مناسب للغرض الأهم من السورة وهو إثبات البعث ; لأن الموت أول منازل الآخرة ، فهذا من براعة الاستهلال .
وغرقا : اسم مصدر أغرق ، وأصله إغراقا ، جيء به مجردا عن الهمزة فعومل معاملة المصدر الثلاثي المتعدي مع أنه لا يوجد غرق متعديا ، ولا أن مصدره مفتوح عين الكلمة لكنه لما جعل عوضا عن مصدر أغرق وحذفت منه الزوائد قدر فعله بعد حذف الزوائد متعديا .
ولو قلنا : إنه سكنت عينه تخفيفا ورعيا للمزاوجة مع ( نشطا ، وسبحا ، وسبقا ، وأمرا ) لكان أرقب ; لأن متحرك الوسط يخفف بالسكون ، وهذا مصدر وصف به مصدر محذوف هو مفعول مطلق للنازعات ، أي : نزعا غرقا ، أي : مغرقا ، أي : تنزع الأرواح من أقاصي الأجساد .
ويجوز أن تكون النازعات صفة للنجوم ، أي : تنزع من أفق إلى أفق ، أي : تسير ، يقال : ينزع إلى الأمر الفلاني ، أي : يميل ويشتاق .
وغرقا : تشبيه لغروب النجوم بالغرق في الماء ، وقاله
الحسن ،
وقتادة ،
وأبو عبيدة ،
وابن كيسان ،
والأخفش ، وهو على هذا متعين لأن يكون مصدر غرق وأن تسكين عينه تخفيف .
والقسم بالنجوم في هذه الحالة لأنها مظهر من
مظاهر القدرة الربانية ، كقوله تعالى :
والنجم إذا هوى .
ويحتمل أن تكون النازعات جماعات الرماة بالسهام في الغزو ، يقال : نزع في القوس ، إذا مدها عند وضع السهم فيها . وروي هذا عن
عكرمة ،
وعطاء .
[ ص: 63 ] والغرق : الإغراق ، أي : استيفاء مد القوس بإغراق السهم فيها فيكون قسما بالرماة من المسلمين الغزاة لشرفهم بأن غزوهم لتأييد دين الله ، ولم تكن للمسلمين وهم
بمكة يومئذ غزوات ولا كانوا يرجونها ، فالقسم بها إنذار للمشركين بغزوة
بدر التي كان فيها خضد شوكتهم ، فيكون من دلائل النبوءة ووعد وعده الله رسوله - صلى الله عليه وسلم .
والناشطات : يجوز أن تكون الموصوفات بالنشاط ، وهو قوة الانطلاق للعمل كالسير السريع . ويطلق النشاط على سير الثور الوحشي وسير البعير لقوة ذلك ، فيكون الموصوف إما الكواكب السيارة على وجه التشبيه لدوام تنقلها في دوائرها ، وإما إبل الغزو ، وإما الملائكة التي تسرع إلى تنفيذ ما أمر الله به من أمر التكوين ، وكلاهما على وجه الحقيقة ، وأيا ما كان فعطفها على النازعات عطف نوع على نوع أو عطف صنف على صنف .
و ( نشطا ) مصدر جاء على مصدر فعل المتعدي من باب نصر فتعين أن ( الناشطات ) فاعلات النشط فهو متعد .
وقد يكون مفضيا لإرادة النشاط الحقيقي لا المجازي . ويجوز أن يكون التأكيد لتحقيق الوصف لا لرفع احتمال المجاز .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : الناشطات الملائكة تنشط نفوس المؤمنين ، وعنه هي نفوس المؤمنين تنشط للخروج .
و ( السابحات ) صفة من السبح المجازي ، وأصل السبح العوم وهو تنقل الجسم على وجه الماء مباشرة ، وهو هنا مستعار لسرعة الانتقال ، فيجوز أن يكون المراد الملائكة السائرين في أجواء السماوات وآفاق الأرض ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب .
ويجوز أن يراد خيل الغزاة حين هجومها على العدو سريعة كسرعة السابح في الماء ، كالسابحات في قول
امرئ القيس يصف فرسا :
مسح إذا ما السابحات على الوغى أثرن الغبار بالكديد المركل
[ ص: 64 ] وقيل : ( السابحات ) النجوم ، وهو جار على قول من فسر النازعات بالنجوم . ( وسبحا ) مصدر مؤكد لإفادة التحقيق من التوسل إلى تنويه للتعظيم . وعطف ( فالسابقات ) بالفاء يؤذن بأن هذه الصفة متفرعة عن التي قبلها ; لأنهم يعطفون بالفاء الصفات التي من شأنها أن يتفرع بعضها عن بعض كما تقدم في قوله تعالى :
والصافات صفا فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا وقول
ابن زيابة :
يا لهف زيابة للحارث الص ابح فالغائم فالآيب
فلذلك ( فالسابقات ) هي السابقات من السابحات .
والسبق : تجاوز السائر من يسير معه ووصوله إلى المكان المسير إليه قبله . ويطلق السبق على سرعة الوصول من دون وجود سائر مع السابق ، قال تعالى : فاستبقوا الخيرات وقال :
أولئك الذين يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون .
ويطلق السبق على الغلب والقهر ، ومنه قوله تعالى :
أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم وقول
مرة بن عداء الفقعسي :
كأنك لم تسبق من الدهر ليلة إذا أنت أدركت الذي كنت تطلب
فقوله تعالى :
فالسابقات سبقا يصلح للحمل على هذه المعاني على اختلاف محامل وصف السابحات بما يناسب كل احتمال على حياله ؛ بأن يراد السائرات سيرا سريعا فيما تعلمه ، أو المبادرات . وإذا كان ( السابحات ) بمعنى الخيل كان ( السابقات ) إن حمل على معنى المسرعات كناية عن عدم مبالاة الفرسان بعدوهم وحرصهم على الوصول إلى أرض العدو ، أو على معنى غلبهم أعداءهم .
وأكد بالمصدر المرادف لمعناه وهو ( سبقا ) للتأكيد ولدلالة التنكير على عظم ذلك السبق .
والمدبرات : الموصوفة بالتدبير .
[ ص: 65 ] والتدبير : جولان الفكر في عواقب الأشياء ، وبإجراء الأعمال على ما يليق بما توجد له ، فإن كانت السابحات جماعات الملائكة ، فمعنى تدبيرها تنفيذ ما نيط بعهدتها على أكمل ما أذنت به فعبر عن ذلك بالتدبير للأمور لأنه يشبه فعل المدبر المتثبت .
وإن كانت السابحات خيل الغزاة فالمراد بالتدبير : تدبير مكائد الحرب من كر ، وفر ، وغارة ، وقتل ، وأسر ، ولحاق للفارين ، أو ثبات بالمكان . وإسناد التدبير إلى السابحات على هذا الوجه مجاز عقلي ; لأن التدبير للفرسان ، وإنما الخيل وسائل لتنفيذ التدبير ، كما قال تعالى :
وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ، فأسند الإتيان إلى ضمير
كل ضامر من الإبل ; لأن إتيان الحجيج من الفجاج العميقة يكون بسير الإبل .
وفي هذا المجاز إيماء إلى حذق الخيل وسرعة فهمها مقاصد فرسانها حتى كأنها هي المدبرة لما دبره فرسانها .
والأمر : الشأن والغرض المهم ، وتنوينه للتعظيم ، وإفراده لإرادة الجنس أي : أمورا .
وينتظم من مجموع صفات ( النازعات ، والناشطات ، والسابحات ) إذا فهم منها جماعات الرماة والجمالة والفرسان أن يكون إشارة إلى أصناف المقاتلين من مشاة وهم الرماة بالقسي ، وفرسان على الخيل ، وكانت الرماة تمشي قدام الفرسان تنضح عنهم بالنبال حتى يبلغوا إلى مكان الملحمة . قال
أنيف بن زبان الطائي :
وتحت نحور الخيل حرشف رجلة تتاح لغرات القلوب نبالها
ولتحمل الآية لهذه الاحتمالات كانت تعريضا بتهديد المشركين بحرب تشن عليهم وهي غزوة فتح
مكة أو غزوة
بدر مثل سورة ( والعاديات ) وأضرابها ، وهي من
دلائل نبوءة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، إذ كانت هذه التهديدات صريحها وتعريضها في مدة مقامه - صلى الله عليه وسلم -
بمكة والمسلمون في ضعف ، فحصل من هذا القسم تعريض بعذاب في الدنيا .
وجملة
يوم ترجف الراجفة إلى ( خاشعة ) جواب القسم وصريح الكلام
[ ص: 66 ] موعظة . والمقصود منه لازمه وهو وقوع البعث ; لأن القلوب لا تكون إلا في أجسام . وقد علم أن المراد بـ
يوم ترجف الراجفة هو
يوم القيامة ; لأنه قد عرف بمثل هذه الأحوال في آيات كثيرة مما سبق نزوله ، مثل قوله :
إذا رجت الأرض فكان في هذا الجواب تهويل ليوم البعث وفي طيه تحقيق وقوعه فحصل إيجاز في الكلام جامع بين الإنذار بوقوعه والتحذير مما يجري فيه .
و
يوم ترجف الراجفة ظرف متعلق ب ( واجفة ) فآل إلى أن المقسم عليه المراد تحقيقه هو وقوع البعث بأسلوب أوقع في نفوس السامعين المنكرين من أسلوب التصريح بجواب القسم ، إذ دل على المقسم عليه بعض أحواله التي هي من أهواله فكان في جواب القسم إنذار .
ولم تقرن جملة الجواب بلام جواب القسم لبعد ما بين الجواب وبين القسم بطول جملة القسم ، فيظهر لي من استعمال البلغاء أنه إذا بعد ما بين القسم وبين الجواب لا يأتون بلام القسم في الجواب ، ومن ذلك قوله تعالى :
والسماء ذات البروج إلى
قتل أصحاب الأخدود ومثله كثير في القرآن ، فلا يؤتى بلام القسم في جوابه إلا إذا كان الجواب مواليا لجملة القسم نحو
وتالله لأكيدن أصنامكم ،
فوربك لنسألنهم أجمعين ولأن جواب القسم إذا كان جملة اسمية لم يكثر اقترانه بلام الجواب ، ولم أر التصريح بجوازه ولا بمنعه ، وإن كان صاحب المغني استظهر في مبحث لام الجواب في قوله تعالى :
ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير أن اللام لام جواب قسم محذوف وليست لام جواب ( لو ) بدليل كون الجملة اسمية ، والاسمية قليلة من جواب ( لو ) فلم ير جملة الجواب إذا كانت اسمية أن تقترن باللام . وجعل صاحب الكشاف تبعا
للفراء وغيره جواب القسم محذوفا تقديره : لتبعثن .
وقدم الظرف على متعلقه ; لأن ذلك الظرف هو الأهم في جواب القسم ; لأنه المقصود إثبات وقوعه ، فتقديم الظرف للاهتمام به والعناية به ، فإنه لما أكد الكلام بالقسم شمل التأكيد متعلقات الخبر التي منها ذلك الظرف ، والتأكيد اهتمام ، ثم أكد ذلك الظرف في الأثناء بقوله : ( يومئذ ) الذي هو (
يوم ترجف الراجفة ) فحصلت عناية عظيمة بهذا الخبر .
[ ص: 67 ] والرجف : الاضطراب والاهتزاز وفعله من باب نصر . وظاهر كلام أهل اللغة أنه فعل قاصر ولم أر من قال : إنه يستعمل متعديا ، فلذلك يجوز أن يكون إسناد ( ترجف ) إلى ( الراجفة ) حقيقيا ، فالمراد بـ ( الراجفة ) : الأرض ; لأنها تضطرب وتهتز بالزلازل التي تحصل عند فناء العالم الدنيوي والمصير إلى العالم الأخروي ، قال تعالى :
يوم ترجف الأرض والجبال وقال :
إذا رجت الأرض رجا وتأنيث ( الراجفة ) لأنها الأرض ، وحينئذ فمعنى
تتبعها الرادفة أن رجفة أخرى تتبع الرجفة السابقة ; لأن صفة الراجفة تقتضي وقوع رجفة ، فالرادفة رجفة ثانية تتبع الرجفة الأولى .
ويجوز أن يكون إسناد ( ترجف ) إلى ( الراجفة ) مجازا عقليا ، أطلق الراجفة على سبب الرجف .
فالمراد بـ ( الراجفة ) : الصيحة والزلزلة التي ترجف الأرض بسببها جعلت هي الراجفة مبالغة ، كقولهم : عيشة راضية ، وهذا هو المناسب لقوله :
تتبعها الرادفة أي : تتبع تلك الراجفة ، أي : مسببة الرجف رادفة ، أي : واقعة بعدها .
ويجوز أن يكون الرجف مستعارا لشدة الصوت فشبه الصوت الشديد بالرجف وهو التزلزل .
وتأنيث ( الراجفة ) على هذا لتأويلها بالواقعة أو الحادثة .
و
تتبعها الرادفة : التالية ، يقال : ردف بمعنى تبع ، والرديف : التابع لغيره ، قال تعالى :
أني ممدكم بثلاثة آلاف من الملائكة مردفين ، أي : تتبع الرجفة الأولى ثانية ، فالمراد : رادفة من جنسها وهما النفختان اللتان في قوله تعالى :
ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا ما شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون .
وجملة
تتبعها الرادفة حال من الراجفة .
وتنكير ( قلوب ) للتكثير ، أي : قلوب كثيرة ولذلك وقع مبتدأ وهو نكرة لإرادة النوعية .
[ ص: 68 ] والمراد : قلوب المشركين الذين كانوا يجحدون البعث ، فإنهم إذا قاموا فعلموا أن ما وعدهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - به حق توقعوا ما كان يحذرهم منه من عقاب إنكار البعث والشرك وغير ذلك من أحوالهم .
فأما
قلوب المؤمنين فإن فيها اطمئنانا متفاوتا بحسب تفاوتهم في التقوى .
والخوف يومئذ وإن كان لا يخلو منه أحد إلا أن أشده خوف الذين يوقنون بسوء المصير ويعلمون أنهم كانوا ضالين في الحياة الدنيا .
والواجفة : المضطربة من الخوف ، يقال : وجف كضرب وجفا ووجيفا ووجوفا ، إذا اضطرب .
و ( واجفة ) خبر ( قلوب ) .
وجملة
أبصارها خاشعة خبر ثان عن ( قلوب ) وقد زاد المراد من الوجيف بيانا قوله :
أبصارها خاشعة ، أي : أبصار أصحاب القلوب .
والخشوع حقيقته : الخضوع والتذلل ، وهو هيئة للإنسان ، ووصف الأبصار به مجاز في الانخفاض والنظر من طرف خفي من شدة الهلع والخوف من فظيع ما تشاهده من سوء المعاملة ، قال تعالى :
خشعا أبصارهم في سورة (
اقتربت الساعة ) . ومثله قوله تعالى :
ووجوه يومئذ باسرة .
وإضافة ( أبصار ) إلى ضمير القلوب لأدنى ملابسة ; لأن الأبصار لأصحاب القلوب وكلاهما من جوارح الأجساد مثل قوله :
إلا عشية أو ضحاها .