كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها .
جواب عما تضمنه قوله :
يسألونك عن الساعة أيان مرساها باعتبار ظاهر حال السؤال من طلب المعرفة بوقت حلول الساعة واستبطاء وقوعها الذي يرمون به إلى تكذيب وقوعها ، فأجيبوا على طريقة الأسلوب الحكيم ، أي إن طال تأخر حصولها ، فإنها واقعة وأنهم يوم وقوعها كأنه ما لبثوا في انتظار إلا بعض يوم .
والعشية : معبر بها عن مدة يسيرة من زمان طويل على طريقة التشبيه ، وهو مستفاد من ( كأنهم ) ، فهو تشبيه حالهم بحالة من لم يلبث إلا عشية ، وهذا التشبيه مقصود منه تقريب معنى التشبيه من المتعارف .
وقوله : (
أو ضحاها ) تخيير في التشبيه على نحو قوله تعالى :
أو كصيب من السماء في سورة البقرة . وفي هذا العطف زيادة في تقليل المدة ; لأن حصة الضحى أقصر من حصة العشية .
وإضافة ضحى إلى ضمير العشية جرى على استعمال عربي شائع في كلامهم . قال
الفراء : أضيف الضحى إلى العشية ، وهو اليوم الذي يكون فيه على عادة العرب يقولون : آتيك الغداة أو عشيتها ، وآتيك العشية أو غداتها ، وأنشدني بعض
بني عقيل :
نحن صبحنا عامرا في دارها جردا تعادى طرفي نهارها
عشية الهلال أو سرارها
أراد عشية الهلال أو عشية سرار العشية ، فهو أشد من : ( آتيك الغداة أو عشيتها ) اهـ .
ومسوغ الإضافة أن الضحى أسبق من العشية ، إذ لا تقع عشية إلا بعد مرور ضحى ، فصار ضحى ذلك اليوم يعرف بالإضافة إلى عشية اليوم ; لأن العشية
[ ص: 99 ] أقرب إلى علم الناس ; لأنهم يكونون في العشية بعد أن كانوا في الضحى ، فالعشية أقرب والضحى أسبق .
وفي هذه الإضافة أيضا رعاية على الفواصل التي هي على حرف الهاء المفتوحة من أيان مرساها .
وبانتهاء هاته السورة انتهت سور طوال المفصل التي مبدؤها سورة الحجرات .