إنه هو يبدئ ويعيد
تصلح ; لأن تكون استئنافا ابتدائيا انتقل به من وعيدهم بعذاب الآخرة إلى توعدهم بعذاب في الدنيا يكون من بطش الله ، أردف به
وعيد عذاب الآخرة ; لأنه أوقع في قلوب المشركين إذ هم يحسبون أنهم في أمن من العقاب إذ هم لا يصدقون بالبعث فحسبوا أنهم فازوا بطيب الحياة الدنيا .
والمعنى : أن الله يبطش بهم في البدء والعود ، أي : في الدنيا والآخرة .
وتصلح لأن تكون تعليلا لجملة
إن بطش ربك لشديد ; لأن الذي يبدئ ويعيد قادر على إيقاع البطش الشديد في الدنيا وهو الإبداء ، وفي الآخرة إعادة البطش .
وتصلح لأن تكون إدماجا للاستدلال على إمكان البعث ، أي أن الله يبدئ الخلق ثم يعيده فيكون كقوله تعالى :
وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه .
والبطش : الأخذ بعنف وشدة ويستعار للعقاب المؤلم الشديد كما هنا .
ويبدئ : مرادف يبدأ ، يقال : بدأ وأبدأ . فليست همزة أبدأ للتعدية .
وحذف مفعولا الفعلين لقصد عموم تعلق الفعلين بكل ما يقع ابتداء ، ويعاد بعد ذلك فشمل بدء الخلق وإعادته وهو البعث ، وشمل البطش الأول في الدنيا والبطش في الآخرة ، وشمل إيجاد الأجيال وإخلافها بعد هلاك أوائلها . وفي هذه الاعتبارات من التهديد للمشركين محامل كثيرة .
وضمير الفصل في قوله : وهو يبدئ للتقوي ، أي : لتحقيق الخبر ولا موقع للقصر هنا ، إذ ليس في المقام رد على من يدعي أن غير الله يبدئ ويعيد . وقد
[ ص: 249 ] تقدم عند قوله تعالى :
وأولئك هم المفلحون في سورة البقرة أن ضمير الفصل يليه الفعل المضارع على قول
المازني ، وهو التحقيق . ودليله قوله :
ومكر أولئك هو يبور وقد تقدم في سورة فاطر .