إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم .
تعليل لجملة
لست عليهم بمصيطر أي : لست مكلفا بجبرهم على التذكر والإيمان لأنا نحاسبهم حين رجوعهم إلينا في دار البقاء . وقد جاء حرف ( إن ) على استعماله المشهور ، إذا جيء به لمجرد الاهتمام دون رد إنكار ، فإنه يفيد مع ذلك تعليلا وتسببا كما تقدم غير مرة ، وتقدم عند قوله : إنك أنت العليم الحكيم في سورة البقرة .
والإياب : بتخفيف الياء الأوب ، أي : الرجوع إلى المكان الذي صدر عنه . أطلق على الحضور في حضرة القدس يوم الحشر تشبيها له بالرجوع إلى المكان الذي خرج منه بملاحظة أن الله خالق الناس خلقهم الأول ، فشبهت إعادة خلقهم وإحضارهم لديه برجوع المسافر إلى مقره كما قال تعالى :
يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك .
وتقديم خبر ( إن ) على اسمها يظهر أنه لمجرد الاهتمام تحقيقا لهذا الرجوع لأنهم ينكرونه ، وتنبيها على إمكانه بأنه رجوع إلى الذي أنشأهم أول مرة .
ونقل الكلام من أسلوب الغيبة في قوله : فيعذبه الله إلى أسلوب التكلم بقوله : إلينا على طريقة الالتفات .
[ ص: 309 ] وقرأ
أبو جعفر إيابهم بتشديد الياء . فعن
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني هو مصدر على وزن فيعال مصدر : أيب بوزن فيعل من الأوب مثل حوقل ، فلما اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء فقيل : إياب .
وعطفت جملة
إن علينا حسابهم بحرف ثم لإفادة التراخي الرتبي فإن حسابهم هو الغرض من إيابهم وهو أوقع في تهديدهم على التولي .
ومعنى على من قوله :
علينا حسابهم أن حسابهم لتأكده في حكمة الله يشبه الحق الذي فرضه الله على نفسه .
وهذه الجملة هي المقصود من التعليل التي قبلها بمعنى التمهيد لها والإدماج لإثبات البعث ، وفي ذلك إيذان بأن تأخير عقابهم إمهال فلا يحسبوه انفلاتا من العقاب .