لكم دينكم ولي دين
تذييل وفذلكة للكلام السابق بما فيه من التأكيدات ، وقد أرسل هذا الكلام إرسال المثل ، وهو أجمع وأوجز من قول
قيس بن الخطيم :
نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف
ووقع في تفسير
الفخر هنا ( جرت عادة الناس بأن يتمثلوا بهذه الآية عند المتاركة وذلك غير جائز ; لأنه تعالى ما أنزل القرآن ليتمثل به ، بل ليتدبر فيه ثم يعمل بموجبه ) اهـ .
وهذا كلام غير محرر ; لأن التمثل به لا ينافي العمل بموجبه ، وما التمثل به إلا من تمام بلاغته واستعداد للعمل به . وهذا المقدار من التفسير تركه
الفخر في المسودة .
وقدم في كلتا الجملتين المسند على المسند إليه ليفيد قصر المسند إليه على المسند ، أي : دينكم مقصور على الكون بأنه لكم لا يتجاوزكم إلى الكون لي ، وديني مقصور على الكون بأنه لا يتجاوزني إلى كونه لكم ، أي : لأنهم محقق عدم إسلامهم . فالقصر قصر إفراد ، واللام في الموضعين لشبه الملك وهو الاختصاص أو الاستحقاق .
والدين : العقيدة والملة ، وهو معلومات وعقائد يعتقدها المرء فتجري أعماله على مقتضاها ، فلذلك سمي دينا ; لأن أصل معنى الدين المعاملة والجزاء .
وقرأ الجمهور ( دين ) بدون ياء بعد النون على أن ياء المتكلم محذوفة للتخفيف مع بقاء الكسرة على النون . وقرأه
يعقوب بإثبات الياء في الوصل والوقف . وقد كتبت هذه الكلمة في المصحف بدون ياء اعتمادا على حفظ الحفاظ ; لأن الذي يثبت الياء مثل يعقوب يشبع الكسرة ، إذ ليست الياء إلا مدة للكسرة فعدم رسمها في الخط لا يقتضي إسقاطها في اللفظ .
[ ص: 585 ] وقرأ
نافع والبزي عن
ابن كثير وهشام عن
أبي عامر وحفص عن
عاصم بفتح الياء في قوله ( ولي ) . وقرأه
nindex.php?page=showalam&ids=16832قنبل عن
ابن كثير وابن ذكوان عن
ابن عامر وأبو بكر عن
عاصم وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وأبو جعفر ويعقوب وخلف بسكون الياء .