وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون .
الأظهر أنه عطف على قوله
قل هل يستوي الأعمى والبصير لأن ذلك مقدمة لذكر من مثلت حالهم بحال البصير وهم المؤمنون .
وضمير ( به ) عائد إلى
ما يوحى إلي وهو القرآن وما يوحى به إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - غير مراد به الإعجاز .
و
الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم هم المؤمنون الممثلون بحال البصير . وعرفوا بالموصول لما تدل عليه الصلة من المدح ، ومن التعليل بتوجيه إنذاره إليهم دون غيرهم ، لأن الإنذار للذين يخافون أن يحشروا إنذار نافع ، خلافا
لحال الذين ينكرون الحشر ، فلا يخافونه فضلا عن الاحتياج إلى شفعاء .
و
أن يحشروا مفعول يخافون ، أي يخافون الحشر إلى ربهم فهم يقدمون الأعمال الصالحة وينتهون عما نهاهم خيفة أن يلقوا الله وهو غير راض عنهم .
وخوف الحشر يقتضي الإيمان بوقوعه . ففي الكلام تعريض بأن المشركين لا ينجح فيهم الإنذار لأنهم لا يؤمنون بالحشر فكيف يخافونه . ولذلك قال فيهم
إن الذين كفروا سواء عليهم آنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون .
وجملة
ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع حال من ضمير
أن يحشروا ، أي يحشروا في هذه الحالة ، فهذه الحال داخلة في حيز الخوف . فمضمون الحال معتقد لهم ، أي ليسوا ممن يزعمون أن لهم شفعاء عند الله لا ترد شفاعتهم ، فهم بخلاف المشركين الذين زعموا أصنامهم شفعاء لهم عند الله .
وقوله
من دونه حال من ( ولي و ( شفيع ) ، والعامل في الحال فعل يخافون ،
[ ص: 245 ] أي ليس لهم ولي دون الله ولا شفيع دون الله ، ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا . وهو تعريض بالمشركين الذين اتخذوا شفعاء وأولياء غير الله .
وفي الآية دليل على
ثبوت الشفاعة بإذن الله كما قال تعالى
من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه . ولصاحب الكشاف هنا تكلفات في معنى
يخافون أن يحشروا وفي جعل الحال من ضمير يحشروا حالا لازمة ، ولعله يرمي بذلك إلى أصل مذهبه في إنكار الشفاعة .
وقوله
لعلهم يتقون رجاء مسوق مساق التعليل للأمر بإنذار المؤمنين لأنهم يرجى تقواهم ، بخلاف من لا يؤمنون بالبعث .