(
الحمد ) الثناء على الجميل من نعمة أو غيرها باللسان وحده ، ونقيضه الذم ، وليس مقلوب مدح ، خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=12590لابن الأنباري ، إذ هما في التصريفات متساويان ، وإذ قد يتعلق المدح بالجماد ، فتمدح جوهرة ولا يقال تحمد ، والحمد والشكر بمعنى واحد ، أو الحمد أعم ، والشكر ثناء على الله - تعالى - بأفعاله ، والحمد ثناء بأوصافه ، ثلاثة أقوال أصحها أنه أعم ، فالحامد قسمان : شاكر ومثن بالصفات .
(
لله ) اللام : للملك وشبهه ، وللتمليك وشبهه ، وللاستحقاق ، وللنسب ، وللتعليل ، وللتبليغ ، وللتعجب ، وللتبيين ، وللصيرورة ، وللظرفية بمعنى في أو عند أو بعد ، وللانتهاء ، وللاستعلاء مثل : ذلك المال
لزيد ، أدوم لك ما تدوم لي ، ووهبت لك دينارا ، (
جعل لكم من أنفسكم أزواجا ) ، الجلباب للجارية ،
لزيد عم ، (
لتحكم بين الناس ) ، قلت لك ، ولله عينا ، من رأى ، من تفوق ، (
هيت لك ) (
ليكون لهم عدوا وحزنا ) ، (
القسط ليوم القيامة ) ، كتب لخمس خلون ، (
لدلوك الشمس ) ، (
سقناه لبلد ميت ) ، (
يخرون للأذقان ) .
(
رب العالمين ) الرب : السيد والمالك والثابت والمعبود والمصلح ، وزاد بعضهم بمعنى الصاحب ، مستدلا بقوله :
فدنا له رب الكلاب بكفه بيض رهاف ريشهن مقزع .
وبعضهم بمعنى الخالق العالم لا مفرد له كالأنام ، واشتقاقه من العلم أو العلامة ، ومدلوله كل ذي روح ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، أو الناس ، قاله
البجلي ، أو الإنس والجن والملائكة ، قاله أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، أو الإنس والجن والملائكة والشياطين ، قاله
أبو عبيدة nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء ، أو الثقلان ، قاله
ابن عطية ، أو بنو آدم ، قاله
أبو معاذ ، أو أهل الجنة والنار ، قاله
الصادق ، أو المرتزقون ، قاله
عبد الرحمن بن زيد ، أو كل مصنوع ، قاله
الحسن وقتادة ، أو الروحانيون ، قاله بعضهم ، ونقل عن المتقدمين أعداد مختلفة في العالمين وفي مقارها ، الله أعلم بالصحيح . والجمهور قرءوا بضم دال الحمد ، وأتبع
nindex.php?page=showalam&ids=12356إبراهيم بن أبي عبلة ميمه لام الجر لضمة الدال ، كما أتبع
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي كسرة الدال لكسرة اللام ، وهي أغرب ; لأن فيه إتباع حركة معرب لحركة غير إعراب ، والأول بالعكس . وفي قراءة
الحسن احتمال أن يكون الإتباع في مرفوع أو منصوب ، ويكون الإعراب إذ ذاك على التقديرين مقدرا منع من ظهوره شغل الكلمة بحركة الإتباع ، كما في المحكي والمدغم . وقرأ
هارون العتكي ورؤبة nindex.php?page=showalam&ids=16008وسفيان بن عيينة الحمد بالنصب . والحمد مصدر معرف بأل ، إما للعهد ، أي الحمد المعروف بينكم لله ، أو لتعريف الماهية ، كـ ( الدينار خير من الدرهم ) ، أي : أي دينار كان فهو خير من أي درهم كان ، فيستلزم إذ ذاك الأحمدة كلها ، أو لتعريف الجنس ، فيدل على استغراق الأحمدة كلها بالمطابقة . والأصل في الحمد لا يجمع لأنه مصدر . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : جمعه على أحمد ، كأنه راعى فيه جامعه اختلاف الأنواع ، قال :
وأبلج محمود الثناء خصصته بأفضل أقوالي وأفضل أحمدي .
وقراءة الرفع أمكن في المعنى ، ولهذا أجمع عليها السبعة ; لأنها تدل على ثبوت الحمد واستقراره لله - تعالى - فيكون قد أخبر بأن الحمد مستقر لله - تعالى - أي حمده وحمد غيره . ومعنى اللام في لله الاستحقاق ، ومن
[ ص: 19 ] نصب فلا بد من عامل تقديره أحمد الله أو حمدت الله ، فيتخصص الحمد بتخصيص فاعله ، وأشعر بالتجدد والحدوث ، ويكون في حالة النصب من المصادر التي حذفت أفعالها وأقيمت مقامها ، وذلك في الأخبار ، نحو شكرا لا كفرا . وقدر بعضهم العامل للنصب فعلا غير مشتق من الحمد ، أي أقول
الحمد لله ، أو الزموا الحمد لله ، كما حذفوه من نحو اللهم ضبعا وذئبا ، والأول هو الصحيح لدلالة اللفظ عليه . وفي قراءة النصب اللام للتبيين ، كما قال أعني لله ، ولا تكون مقوية للتعدية ، فيكون لله في موضع نصب بالمصدر لامتناع عمله فيه . قالوا : سقيا
لزيد ، ولم يقولوا : سقيا
زيدا ، فيعملونه فيه ، فدل على أنه ليس من معمول المصدر ، بل صار على عامل آخر .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي وطائفة ( رب العالمين ) بالنصب على المدح ، وهي فصيحة لولا خفض الصفات بعدها ، وضعفت إذ ذاك . على أن
الأهوازي حكى في قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي أنه قرأ ( رب العالمين ) ( الرحمن الرحيم ) بنصب الثلاثة ، فلا ضعف إذ ذاك ، وإنما تضعف قراءة نصب رب وخفض الصفات بعدها لأنهم نصوا أنه لا إتباع بعد القطع في النعوت ، لكن تخريجها على أن يكون الرحمن بدلا ، ولا سيما على مذهب الأعلم ، إذ لا يجيز في الرحمن أن يكون صفة ، وحسن ذلك على مذهب غيره كونه وصفا خاصا وكون البدل على نية تكرار العامل ، فكأنه مستأنف من جملة أخرى ، فحسن النصب . وقول من زعم أنه نصب " رب " بفعل دل عليه الكلام قبله ، كأنه قيل : نحمد الله رب العالمين ، ضعيف ; لأنه مراعاة التوهم ، وهو من خصائص العطف ، ولا ينقاس فيه . ومن زعم أنه نصبه على البدل فضعيف للفصل بقوله الرحمن الرحيم ، ورب مصدر وصف به على أحد وجوه الوصف بالمصدر ، أو اسم فاعل حذفت ألفه ، فأصله راب ، كما قالوا : رجل بار وبر ، وأطلقوا الرب على الله وحده ، وفي غيره قيد بالإضافة نحو رب الدار . وأل في العالمين للاستغراق ، وجمع العالم شاذ لأنه اسم جمع ، وجمعه بالواو والنون أشذ للإخلال ببعض الشروط التي لهذا الجمع ، والذي أختاره أنه ينطلق على المكلفين لقوله - تعالى - : (
إن في ذلك لآيات للعالمين ) ، وقراءة
حفص بكسر اللام توضح ذلك .