صفحة جزء
( ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيمكالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم ) الاعتذار : [ ص: 62 ] التنصل من الذنب ، فقيل : أصله المحو ، من قولهم : اعتذرت المنازل ودرست ، فالمعتذر يحاول إزالة ذنبه . قال ابن أحمر :


قد كنت تعرف آيات فقد جعلت إطلال إلفك بالوعساء تعتذر



وعن ابن الأعرابي : أن الاعتذار هو القطع ، ومنه عذرة الجارية لأنها تعذر أي تقطع ، واعتذرت المياه انقطعت ، والعذر سبب لقطع الذم . عدن بالمكان يعدن عدونا أقام ، قاله أبو زيد وابن الأعرابي . قال الأعشى :


وإن يستضيفوا إلى حلمه     يضافوا إلى راجح قد عدن



وتقول العرب : تركت إبل فلان عوادن بمكان كذا ، وهو أن تلزم الإبل المكان فتألفه ولا تبرحه . وسمي المعدن معدنا لإنبات الله الجوهر فيه وإثباته إياه في الأرض حتى عدن فيها أي ثبت . وعدن مدينة باليمن لأنها أكثر مدائن اليمن قطانا ودورا .

( ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم ) : كان قدام بن خالد وعبيد بن هلال والجلاس بن سويد في آخرين يؤذون الرسول فقال بعضهم : لا تفعلوا فإنا نخاف أن يبلغه فيوقع بنا . فقال الجلاس : بل نقول بما شئنا ، فإن محمدا أذن سامعة ، ثم نأتيه فيصدقنا فنزلت . وقيل : نزلت في نبتل بن الحارث كان ينم حديث الرسول إلى المنافقين ، فقيل له : لا تفعل ، فقال ذلك القول . وقيل : نزلت في الجلاس وزمعة بن ثابت في آخرين أرادوا أن يقعوا في الرسول وعندهم غلام من الأنصار يدعى عامر بن قيس فحقروه ، فقالوا : لئن كان ما يقول محمد حقا لنحن شر من الحمير ، فغضب الغلام فقال : والله إن ما يقول محمد حق ، وأنتم لشر من الحمير ، ثم أتى رسول الله فأخبره فدعاهم ، فسألهم ، فحلفوا إن عامرا كاذب ، وحلف عامر إنهم كذبة وقال : اللهم لا تفرق بيننا حتى يتبين صدق الصادق وكذب الكاذب ، ونزلت هذه الآية : ( يحلفون بالله لكم ليرضوكم ) ، فقال : رجل أذن إذا كان يسمع مقال كل أحد ، يستوي فيه الواحد والجمع ، قاله الجوهري . وقال الزمخشري : الأذن الرجل الذي يصدق كل ما يسمع ، ويقبل قول كل أحد ، سمي بالجارحة التي هي آلة السماع ، كأن جملته أذن سامعة ، ونظيره قولهم للرئية : عين . وقال الشاعر :


قد صرت أذنا للوشاة سميعة     ينالون من عرضي ولو شئت ما نالوا



وهذا منهم تنقيص للرسول ، إذ وصفوه بقلة الحزامة والانخداع . وقيل : المعنى ذو أذن ، فهو على حذف مضاف ، قاله ابن عباس . وقيل : أذن حديد السمع ، ربما سمع مقالتنا . وقيل : أذن وصف بني على فعل من أذن يأذن أذنا إذا استمع ، نحو أنف وشلل وارتفع . أذن على إضمار مبتدأ ؛ أي : قل هو أذن خير لكم . وهذه الإضافة نظيرها قولهم : رجل صدق ، تريد الجودة والصلاح . كأنه قيل : نعم هو أذن ، ولكن نعم الأذن . ويجوز أن يراد هو أذن في الخير والحق وما يجب سماعه وقبوله ، وليس بأذن في غير ذلك . ويدل عليه ( خير ) و ( رحمة ) في قراءة من جرها عطفا على ( خير ) أي : هو أذن خير ورحمة لا يسمع غيرهما ولا يقبله ، قاله الزمخشري . وقرأ الحسن ومجاهد وزيد بن علي وأبو بكر عن عاصم في [ ص: 63 ] رواية : ( قل أذن ) بالتنوين ( خير ) بالرفع . وجوزوا في ( أذن ) أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، و " خير " خبر ثان لذلك المحذوف ، أي : هو أذن هو خير لكم ، لأنه صلى الله عليه وسلم يقبل معاذيركم ولا يكافئكم على سوء خلتكم . وأن يكون ( خير ) صفة لـ ( أذن ) ، أي : أذن ذو خير لكم . أو على أن ( خيرا ) أفعل تفضيل ، أي : أكثر خيرا لكم ، وأن يكون ( أذن ) مبتدأ ، خبره ( خير ) . وجاز أن يخبر بالنكرة عن النكرة مع حصول الفائدة فيه ، قاله صاحب اللوامح ، وهو جائز على تقدير حذف وصف ، أي : أذن لا يؤاخذكم خير لكم ، ثم وصفه تعالى بأنه يؤمن بالله ، ومن آمن بالله كان خائفا منه لا يقدم على الإيذاء بالباطل ، ( ويؤمن للمؤمنين ) ، أي : يسمع من المؤمنين ويسلم لهم ما يقولون ، ويصدقهم لكونهم مؤمنين ، فهم صادقون . و ( ورحمة للذين آمنوا منكم ) ، وخص المؤمنين وإن كان رحمة للعالمين ؛ لأن ما حصل لهم بالإيمان بسبب الرسول لم يحصل لغيرهم ، وخصوا هنا بالذكر وإن كانوا قد دخلوا في العالمين لحصول مزيتهم . وهذه الأوصاف الثلاثة مبينة جهة الخيرية ، ومظهرة كونه أذن خير . وتعدية ( يؤمن ) أولا بالباء ، وثانيا باللام . قال ابن قتيبة : هما زائدان ، والمعنى : يصدق الله ، ويصدق المؤمنين .

وقال الزمخشري : قصد التصديق بالله الذي هو نقيض الكفر ، فعدي بالباء ، وقصد الاستماع للمؤمنين ، وأن يسلم لهم ما يقولون فعدي باللام . ألا ترى إلى قوله تعالى : ( وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين ) ما أغناه عن الباء ، ونحوه ( فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه ) ، ( أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ) ( آمنتم له قبل أن آذن لكم ) . انتهى . وقال ابن عطية : ( يؤمن بالله ) يصدق بالله ، ( ويؤمن للمؤمنين ) قيل : معناه ويصدق المؤمنين ، واللام زائدة كما هي في ( ردف لكم ) وقال المبرد : هي متعلقة بمصدر مقدر من الفعل ، كأنه قال : وإيمانه للمؤمنين ، أي : وتصديقه . وقيل : يقال آمنت لك بمعنى صدقتك ، ومنه قوله : ( وما أنت بمؤمن لنا ) وعندي أن هذه التي معها اللام في ضمنها باء ، فالمعنى : ويصدق للمؤمنين فيما يخبرونه به ، وكذلك ( وما أنت بمؤمن لنا ) بما نقوله لك . انتهى . وقرأ أبي ، وعبد الله ، والأعمش ، وحمزة : ( ورحمة ) بالجر عطفا على ( خير ) ، فالجملة من ( يؤمن ) اعتراض بين المتعاطفين ، وباقي السبعة بالرفع عطفا على ( يؤمن ) ، و ( يؤمن ) صفة لـ ( أذن خير ) . وابن أبي عبلة : بالنصب مفعولا من أجله حذف متعلقه ، التقدير : ورحمة يأذن لكم ، فحذف لدلالة ( أذن خير لكم ) عليه . وأبرز اسم الرسول ولم يأت به ضميرا على نسق ( يؤمن ) بلفظ الرسول تعظيما لشأنه ، وجمعا له في الآية بين الرتبتين العظيمتين من النبوة والرسالة ، وإضافته إليه زيادة في تشريفه ، وحتم على من أذاه بالعذاب الأليم ، وحق لهم ذلك ( والذين يؤذون ) عام يندرج فيه هؤلاء الذين أذوا هذا الإيذاء الخاص وغيرهم .

( يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين ) : الظاهر أن الضمير في ( يحلفون ) عائد على الذين يقولون : ( هو أذن ) أنكروه وحلفوا أنهم ما قالوه . وقيل : عائد على الذين قالوا : إن كان ما يقول محمد حقا ، فنحن شر من الحمير ، وتقدم ذكر ذلك . وقيل : عائد على الذين تخلفوا عن غزوة تبوك ، فلما رجع الرسول والمؤمنون اعتذروا وحلفوا واعتلوا ، قاله ابن السائب ، واختاره البيهقي . وكانوا ثلاثة وثمانين ، حلف منهم ثمانون ، فقبل الرسول أعذارهم واعترف [ ص: 64 ] منهم بالحق ثلاثة ، فأطلع الله رسوله على كذبهم ونفاقهم ، وهلكوا جميعا بآفات ، ونجا الذين صدقوا . وقيل : عائد على عبد الله بن أبي ومن معه حلفوا ألا يتخلفوا عن رسول الله وليكونوا معه على عدوه . وقال ابن عطية : المراد جميع المنافقين الذين يحلفون للرسول والمؤمنين إنهم معهم في الدين وفي كل أمر وحرب ، وهم يبطنون النفاق ، ويتربصون بالمؤمنين الدوائر ، وهذا قول جماعة من أهل التأويل . واللام في ( ليرضوكم ) لام كي ، وأخطأ من ذهب إلى أنها جواب القسم ، وأفرد الضمير في ( أن يرضوه ) لأنهما في حكم مرضي واحد ، إذ رضا الله هو رضا الرسول ، أو يكون في الكلام حذف . قال ابن عطية : مذهب سيبويه أنهما جملتان ، حذفت الأولى لدلالة الثانية عليها ، والتقدير عنده : والله أحق أن يرضوه ، ورسوله أحق أن يرضوه . وهذا كقول الشاعر :


نحن بما عندنا وأنت بما     عندك راض والرأي مختلف

ومذهب المبرد : أن في الكلام تقديما وتأخيرا ، وتقديره : والله أحق أن يرضوه ورسوله . وقيل : الضمير عائد على المذكور كما قال رؤبة :


فيها خطوط من سواد وبلق     كأنها في الجلد توليع البهق



انتهى . فقوله : " مذهب سيبويه أنهما جملتان حذفت الأولى لدلالة الثانية عليها " إن كان الضمير في " أنهما " عائدا على كل واحدة من الجملتين - فكيف تقول : حذفت الأولى ، ولم تحذف الأولى إنما حذف خبرها ؟ وإن كان الضمير عائدا على الخبر ، وهو ( أحق أن يرضوه ) ، فلا يكون جملة إلا باعتقاد كون ( أن يرضوه ) مبتدأ و ( أحق ) المتقدم خبره ، لكن لا يتعين هذا القول ، إذ يجوز أن يكون الخبر مفردا بأن يكون التقدير : أحق بأن يرضوه . وعلى التقدير الأول يكون التقدير : والله إرضاؤه أحق . وقدره الزمخشري : والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك . ( إن كانوا مؤمنين ) كما يزعمون ، فأحق من يرضونه الله ورسوله بالطاعة والوفاق .

( ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم ) ؛ أي : ألم يعلم المنافقون ؟ وهو استفهام معناه التوبيخ والإنكار . وقرأ الحسن والأعرج : بالتاء على الخطاب ، فالظاهر أنه التفات ، فهو خطاب للمنافقين . قيل : ويحتمل أن يكون خطابا للمؤمنين ، فيكون معنى الاستفهام التقرير . وإن كان خطابا للرسول فهو خطاب تعظيم ، والاستفهام فيه للتعجب ، والتقدير : ألا تعجب من جهلهم في محادة الله تعالى ، وفي مصحف أبي : " ألم يعلم " . قال ابن عطية : على خطاب النبي عليه السلام . انتهى . والأولى أن يكون خطابا للسامع ، قال أهل المعاني : ألم تعلم ، الخطاب لمن حاول تعليم إنسان شيئا مدة وبالغ في ذلك التعليم فلم يعلم فقال له : ألم تعلم بعد المباحث [ ص: 65 ] الظاهرة والمدة المديدة ؟ ! وحسن ذلك لأنه طال مكث النبي صلى الله عليه وسلم معه ، وكثر منه التحذير عن معصية الله والترغيب في طاعة الله . قال بعضهم : المحادة المخالفة ، حاددته خالفته ، واشتقاقه من الحد أي كان على حد غير حادة كقولك : شاقه ، كان في شق غير شقه . وقال أبو مسلم : المحادة مأخوذة من الحديد ، حديد السلاح . والمحادة هنا ، قال ابن عباس : المخالفة . وقيل : المحاربة . وقيل : المعاندة . وقيل : المعاداة . وقيل : مجاوزة الحد في المخالفة . وهذه أقوال متقاربة . وقرأ الجمهور ( فأن له ) بالفتح ، والفاء جواب الشرط ، فتقتضي جملة ، و ( أن له ) مفرد في موضع رفع على الابتداء ، وخبره محذوف ، قدره الزمخشري مقدما نكرة ، أي : فحق أن يكون ، وقدره غيره متأخرا ، أي : فأن له نار جهنم واجب ، قاله الأخفش ، ورد عليه بأن ( أن ) لا يبتدأ بها متقدمة على الخبر ، وهذا مذهب سيبويه والجمهور . وأجاز الأخفش والفراء وأبو حاتم الابتداء بها متقدمة على الخبر ، فالأخفش خرج ذلك على أصله ، أو في موضع رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي : فالواجب أن له النار . قال علي بن سليمان : وقال الجرمي والمبرد : ( أن ) الثانية مكررة للتوكيد ، كأن التقدير : فله نار جهنم ، وكرر ( أن ) توكيدا . وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون ( فأن له ) معطوفا على " أنه " ، على أن جواب " من " محذوف ، تقديره : ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله يهلك فأن له نار جهنم . انتهى . فيكون ( فأن له نار جهنم ) في موضع نصب . وهذا الذي قدره لا يصح ، لأنهم نصوا على أنه إذا حذف الجواب لدلالة الكلام عليه كان فعل الشرط ماضيا في اللفظ ، أو مضارعا مجزوما بـ " لم " ، فمن كلامهم : " أنت ظالم إن فعلت " ، ولا يجوز " إن تفعل " ، وهنا حذف جواب الشرط ، وفعل الشرط ليس ماضي اللفظ ولا مضارعا مقرونا بـ " لم " ، وذلك إن جاء في كلامهم فمخصوص بالضرورة . وأيضا فتجد الكلام تاما دون تقدير هذا الجواب . ونقلوا عن سيبويه أن " أن " بدل من " أنه " . قال ابن عطية : وهذا معترض بأن الشيء لا يبدل منه حتى يستوفى . والأولى في هذا الموضع : لم يأت خبرها بعد أن لم يتم جواب الشرط ، وتلك الجملة هي الخبر . وأيضا فإن الفاء مانع البدل ، وأيضا فهي معنى آخر غير الأول ، فيقلق البدل ، وإذا تلطف للبدل فهو بدل اشتمال . انتهى . وقال أبو البقاء : وهذا - يعني البدل - ضعيف لوجهين : أحدهما : أن الفاء التي معها تمنع من ذلك ، والحكم بزيادتها ضعيف . والثاني : أن جعلها بدلا يوجب سقوط جواب الكلام . انتهى . وقيل : هو على إسقاط اللام ، أي : فلأن له نار جهنم ، فالفاء جواب الشرط ، ويحتاج إلى إضمار ما يتم به جواب الشرط جملة ، أي : فمحادته ؛ لأن له نار جهنم . وقرأ ابن أبي عبلة : " فإن له " بالكسر في الهمزة ، حكاها عنه أبو عمرو الداني ، وهي قراءة محبوب عن الحسن ، ورواية أبي عبيدة عن أبي عمرو ، ووجهه في العربية قوي ؛ لأن الفاء تقتضي الاستئناف ، والكسر مختار لأنه لا يحتاج إلى إضمار ، بخلاف الفتح . وقال الشاعر :


فمن يك سائلا عني فإني     وجروة لا ترود ولا تعار



وعلى هذا يجوز في " أن " بعد فاء الجزاء وجهان : الفتح ، والكسر . ذلك لأن كينونة النار له خالدا فيها هو الهوان العظيم كما قال ربنا : ( إنك من تدخل النار فقد أخزيته ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية