يا ربة البيت قومي غير صاغرة
( وغلقت الأبواب ) هو تضعيف تكثير بالنسبة إلى وقوع الفعل بكل باب باب . قيل : وكانت سبعة أبواب ، ( هيت ) اسم فعل بمعنى أسرع ، و ( لك ) للتبيين ؛ أي : لك أقول ، أمرته بأن يسرع إليها ، وزعم الكسائي أنها لغة حورانية وقعت إلى أهل والفراء الحجاز فتكلموا بها ومعناها : تعال ، وقاله عكرمة ، وقال أبو زيد : هي عبرانية . هيتلخ أي : تعاله فأعربه القرآن . وقال ابن عباس والحسن : بالسريانية . وقال : بالقبطية هلم لك ، وقال السدي مجاهد وغيره : عربية تدعوه بها إلى نفسها ، وهي كلمة حث وإقبال ، انتهى . ولا يبعد اتفاق اللغات في لفظ ، فقد وجد ذلك في كلام العرب مع لغات غيرهم ، وقال الجوهري : [ ص: 294 ] هوت وهيت به صاح به فدعاه ، ولا يبعد أن يكون مشتقا من اسم الفعل ، كما اشتقوا من الجمل نحو سبح وحمدك ، ولما كان اسم فعل لم يبرز فيه الضمير ، بل يدل على رتبة الضمير بما يتصل باللام من الخطاب نحو : هيت لك ، وهيت لك ، وهيت لكما ، وهيت لكم ، وهيت لكن ، وقرأ نافع وابن ذكوان والأعرج وشيبة وأبو جعفر : ( هيت ) بكسر الهاء بعدها ياء ساكنة وفتح التاء ، والحلواني عن هشام كذلك إلا أنه همز وعلي وأبو وائل وأبو رجاء ويحيـى وعكرمة ومجاهد وقتادة وطلحة والمقري وابن عباس وأبو عامر في رواية عنهما ، وأبو عمرو في رواية وهشام في رواية كذلك ، إلا أنهم ضموا التاء ، وزيد بن علي وابن أبي إسحاق كذلك ، إلا أنهما سهلا الهمزة ، وذكر النحاس : أنه قرئ بكسر الهاء بعدها ياء ساكنة وكسر التاء ، وقرأ ابن كثير وأهل مكة : بفتح الهاء وسكون الياء وضم التاء ، وباقي السبعة أبو عمرو والكوفيون وابن مسعود والحسن ، والبصريون كذلك إلا أنهم فتحوا التاء ، وابن عباس وأبو الأسود وابن أبي إسحاق وابن محيصن وعيسى البصرة كذلك ، وعن : هييت مثل حييت ، فهذه تسع قراءات هي فيها اسم فعل إلا قراءة ابن عباس الأخيرة فإنها فعل مبني للمفعول مسهل الهمزة من هيأت الشيء ، وإلا من ضم التاء وكسر الهاء سواء همز أم لم يهمز ، فإنه يحتمل أن يكون اسم فعل كحالها عند فتح التاء أو كسرها ، ويحتمل أن يكون فعلا واقعا ضمير المتكلم من هاء الرجل يهيء إذا أحسن هيئته على مثال : جاء يجيء ، أو بمعنى تهيأت . يقال : هيت وتهيأت بمعنى واحد ، فإذا كان فعلا تعلقت اللام به ، وفي هذه الكلمة لغات أخر ، وانتصب ( ابن عباس معاذ الله ) على المصدر ؛ أي : عياذا بالله من فعل السوء ، والضمير في ( إنه ) الأصح أنه يعود على الله تعالى ؛ أي : إن الله ربي أحسن مثواي إذ نجاني من الجب ، وأقامني في أحسن مقام ، وإما أن يكون ضمير الشأن وعنى بربه سيده العزيز فلا يصلح لي أن أخونه ، وقد أكرم مثواي وائتمنني قاله مجاهد والسدي وابن إسحاق ويبعد جدا ؛ إذ لا يطلق نبي كريم على مخلوق أنه ربه ، ولا بمعنى السيد ؛ لأنه لم يكن في الحقيقة مملوكا له ( إنه لا يفلح الظالمون ) أي : المجازون الإحسان بالسوء . وقيل : الزناة . وقيل : الخائنون . وقرأ أبو الطفيل والجحدري ( مثوي ) كما قرأ ( يا بشري ) ، وما أحسن هذا التنصل من الوقوع في السوء . استعاذ أولا بالله الذي بيده العصمة وملكوت كل شيء ، ثم نبه على أن إحسان الله أو إحسان العزيز الذي سبق منه لا يناسب أن يجازى بالإساءة ، ثم نفى الفلاح عن الظالمين وهو الظفر والفوز بالبغية فلا يناسب أن أكون ظالما أضع الشيء غير موضعه ، وأتعدى ما حده الله تعالى لي .