[ ص: 355 ] (
ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون ) .
المنع : الحيلولة بين المريد ومراده . ولما كان الشيء قد يمنع صيانة ، صار المنع متعارفا في المتنافس فيه ; قاله
الراغب . وفعله : منع يمنع ، بفتح النون ، وهو القياس ؛ لأن لام الفعل أحد حروف الحلق . المساجد : معروفة ، وسيأتي الكلام على المفرد أول ما يذكر في القرآن ، إن شاء الله . السعي : المشي بسرعة ، وهو دون العدو ، ثم يطلق على الطلب ، كما قال
امرؤ القيس :
فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة كفاني ولم أطلب قليل من المال ولكنما أسعى لمجد مؤثل
وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي
فسره الشراح بالطلب . الخراب : ضد العمارة ، وهو مصدر خرب الشيء يخرب خرابا ، ويوصف به فيقال : منزل خراب ، واسم الفاعل : خرب ، كما قال
أبو تمام :
ما ربع مية معمورا يطيف به غيلان أبهى ربى من ربعها الخرب
والخرب : ذكر الحبارى ، يجمع على خربان . المشرق والمغرب : مكان الشروق والغروب ، وهما من الألفاظ التي جاءت على مفعل ، بكسر العين شذوذا ، والقياس الفتح ؛ لأن كل فعل ثلاثي لم تكسر عين مضارعه ، فقياس صوغ المصدر منه والزمان والمكان مفعل ، بفتح العين . أين : من ظروف المكان ، وهو مبني لتضمنه في الاستفهام معنى حرفه ، وفي الشرط معنى حرفه ، وإذا كان للشرط جاز أن تزيد بعده ما ، ومما جاء فيه شرطا بغير ما قوله :
أين تضرب بنا العداة تجدنا
وزعم بعضهم أن أصل أين : السؤال عن الأمكنة . ثم : ظرف مكان يشار به للبعيد ، وهو مبني لتضمنه معنى الإشارة ، وهو لازم للظرفية ، لم يتصرف فيه بغير من يقول : من ثم كان كذا . وقد وهم من أعربها مفعولا به في قوله : (
وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا ) . بل : مفعول رأيت محذوف . واسع : اسم فاعل من وسع يسع سعة ووسعا ، ومقابله ضاق ، إلا أن وسع يأتي متعديا : (
وسع كرسيه السماوات والأرض ) ، (
ورحمتي وسعت كل شيء ) . الولد : معروف ، وهو فعل بمعنى مفعول ، كالقبض والنقض ، ولا ينقاس فعل بمعنى مفعول ، وفعله : ولد يلد ولادة ووليدية ، وهذا المصدر الثاني غريب . القنوت : القيام ، ومنه أفضل الصلاة طول القنوت ، أي القيام ، والطاعة والعبادة والدعاء . قنت شهرا : دعا . البديع : النادر الغريب الشكل . بدع يبدع بداعة فهو بديع ، إذا كان نادرا غريب الصورة في الحسن ، وهو راجع لمعنى الابتداع ، وهو الاختراع والإنشاء . قضى : قدر ، ويجيء بمعنى أمضى . قضى يقضي قضاء . قال :
سأغسل عني العار بالسيف جالبا علي قضاء الله ما كان جالبا
قال
الأزهري : قضى على وجوه ، مرجعها إلى انقطاع الشيء وتمامه ، قال
أبو ذؤيب :
وعليهما مسرودتان قضاهما داود أو صنع السوابغ تبع
وقال
الشماخ في
عمر :
قضيت أمورا ثم غادرت بعدها بوائق في أكمامها لم تفتق
فيكون بمعنى خلق : (
فقضاهن سبع سماوات ) ، وأعلم : (
وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب ) ، وأمر : (
وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ) ، وألزم ، منه : قضى القاضي ، ووفى : (
فلما قضى موسى الأجل ) ، وأراد : (
إذا قضى أمرا ) .
[ ص: 356 ] لولا : حرف تحضيض ، وجاء ذلك في القرآن كثيرا ، وحكمها حكم هلا ، وتأتي أيضا حرف امتناع لوجود ، وأحكامها بمعنييها مذكورة في كتب النحو ، ومنها أن التحضيضية لا يليها إلا الفعل ظاهرا أو مضمرا ، وتلك لا يليها إلا الاسم ، على خلاف في إعرابه . الجحيم : إحدى طبقات النار - أعاذنا الله منها - وقال
الفراء : الجحيم : النار على النار . وقال
أبو عبيد : النار المستحكمة المتلظية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : النار الشديدة الوقود ، يقال جحمت النار تجحم : اشتد وقودها . وهذه كلها أقوال يقرب بعضها من بعض . وقال
ابن فارس : الجاحم : المكان الشديد الحر ، ويقال لعين الأسد : جحمة ، لشدة توقدها ، ويقال لشدة الحر : جاحم ، قال :
والحرب لا يبقى لجا حمها التخيل والمراح
الرضا : معروف ، ويقابله الغضب ، وفعله رضي يرضى رضا بالقصر ، ورضاء بالمد ، ورضوانا ، فياؤه منقلبة عن واو يدل على ذلك الرضوان ، والأكثر تعديته بعن وقد جاء تعديته بعلى ، قال :
إذا رضيت علي بنو قشير
وخرج على أن يكون على بمعنى عن ، أو على تضمين رضي معنى عطف ، فعدي بعلى كما تعدى عطف . الملة : الطريقة ، وكثر استعمالها بمعنى الشريعة ، فقيل : الاشتقاق من أمللت ؛ لأن الشريعة تبتنى على متلو ومسموع . وقيل : من قولهم طريق ممل ، أي قد أثر المشي فيه . الخسران والخسارة : هو النقص من رأس المال في التجارة ، هذا أصله ، ثم يستعمل في النقص مطلقا ، وفعله متعد ، كما أن مقابله متعد ، وهو الربح . تقول : خسر درهما ، كما تقول : ربح درهما . وقال : (
خسروا أنفسهم وأهليهم ) .