(
وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين ) .
إبراهيم : اسم علم أعجمي . قيل : ومعناه بالسريانية قبل النقل إلى العلمية : أب رحيم ، وفيه لغى ست :
إبراهيم بألف وياء وهي الشهيرة المتداولة ، وبألف مكان الياء ، وبإسقاط الياء مع كسر الهاء ، أو فتحها ، أو ضمها ، وبحذف الألف والياء وفتح الهاء ، قال
عبد المطلب :
نحن آل الله في كعبته لم نزل ذاك على عهد إبرهم
وقال
زيد بن عمرو بن نفيل :
عذت بما عاذ به إبرهم إذ قال وجهي لك عان راغم
الإتمام : الإكمال ، والهمزة فيه للنقل . ثم الشيء يتم : كمل ، وهو ضد النقص . الإمام : القدوة الذي يؤتم به ، ومنه قيل لخيط البناء : إمام ، وللطريق : إمام ، وهو مفرد على فعال ، كالإزار للذي يؤتزر به ، ويكون جمع آم ، اسم فاعل من أم يؤم ، كجائع وجياع ، وقائم وقيام ، ونائم ونيام . الذرية : النسل ، مشتقة من ذروت ، أو ذريت ، أو ذرأ الله الخلق ، أو الذر . ويضم ذالها ، أو يكسر ، أو يفتح . فأما الضم فيجوز أن تكون ذرية فعيلة من ذرأ الله الخلق ، وأصله ذريئة ، فخففت الهمزة بإبدالها ياء ، كما خففوا همزة النسيء فقالوا : النسي ، ثم أدغموا الياء التي هي لام الفعل التي هي للمد . ويجوز أن تكون فعولة من ذروت ، الأصل ذرووة ، أبدلت لام الفعل ياء . اجتمع لك واو وياء واو المد والياء المنقلبة عن الواو التي هي لام الفعل ، وسبقت إحداهما بالسكون ، فقلبت واو المد ياء ، وأدغمت في الياء ، وكسر ما قبلها ؛ لأن الياء تطلب الكسر . ويجوز أن تكون فعيلة من ذررت ، أصلها ذريوة ، اجتمعت ياء المد والواو التي هي لام الكلمة وسبقت إحداهما بالسكون ، فقلبت الواو ياء ، وأدغمت ياء المد فيها . ويجوز أن تكون فعولة أو فعيلة من ذريت لغة في ذروت ، فأصلها أن تكون فعولة ذروية ، وإن كان فعيلة ذريية ، ثم أدغم . ويجوز أن تكون فعيلة من الذر منسوبة ، أو فعلية من الذر غير منسوبة ، أو فعيلة ، كمريقة ، أو فعول ، كسبوح وقدوس ، أو فعلولة ، كقردودة الظهر ، فضم أولها إن كان اسما ، كقمرية ، وإن كانت منسوبة ، كما قالوا في النسب إلى الدهر : دهري ، وإلى السهل ، سهلي . وأصل فعيلة من الذر : ذريرة ، وفعولة من الذر : ذرورة ، وكذلك فعلولة ، أبدلت الراء الآخرة في ذلك ياء كراهة التضعيف ، كما قالوا في تسررت ; تسريت . وأما من كسر ذال ذرية ، فيحتمل أن تكون فعيلة من ذرأ الله الخلق
[ ص: 373 ] كبطيخة ، فأبدلت الهمزة ياء ، وأدغمت في ياء المد ، أو فعلية من الذر منسوبة على غير قياس ، أو فعيلة من الذر أصله ذريرة ، أو فعليل كحلتيت . ويحتمل أن تكون ذريوة من ذروت ، أو فعيلة : ذريئة من ذريت . وأما من فتح ذال ذرية ، فيحتمل أن تكون فعيلة من ذرأ ، مثل سكينة ، أو فعولة من هذا أيضا كخروبة . فالأصل ذروءة ، فأبدلت الهمزة ياء بدلا مسموعا ، وقلبت الواو ياء وأدغمت . ويحتمل أن تكون فعيلة من الذر غير منسوبة كبرنية ، أو منسوبة إلى الذر ، أو فعولة كخروبة من الذر أصلها ذرورة ، ففعل بها ما تقدم ، أو فعلولة كبكولة ، فالأصل ذرورة أيضا ، أو فعيلة كسكينة : ذريرة ، فقلبت الراء ياء في ذلك كله ، ويحتمل أن يكون من ذروت فعيلة كسكينة ، فالأصل ذريوة ، أو من ذريت ذريية ، أو فعولة من ذروت أو ذريت . وأما من بناها على فعلة كجفنة ، وقال ذرية فإنها من ذريت . النيل : الإدراك . نلت الشيء أناله نيلا ، والنيل : العطاء . البيت معروف ، وصار علما بالغلبة على
الكعبة ، كالنجم للثريا . الأمن : مصدر أمن يأمن ، إذا لم يخف واطمأنت نفسه . المقام : مفعل من القيام ، يحتمل المصدر والزمان والمكان .
إسماعيل : اسم أعجمي علم ، ويقال
إسماعيل باللام وإسماعين بالنون ، قال :
قال جواري الحي لما جينا هذا ورب البيت إسماعينا
ومن غريب ما قيل في التسمية به أن
إبراهيم كان يدعو أن يرزقه الله ولدا ويقول : اسمع إيل ، وإيل هو الله تعالى . التطهير : مصدر طهر ، والتضعيف فيه للتعدية . يقال : طهر الشيء طهارة : نظف . الطائف : اسم فاعل من طاف به إذا دار به ، ويقال أطاف : بمعنى طاف ، قال :
أطافت به جيلان عند فطامه
والعاكف : اسم فاعل من عكف بالشيء : أقام به ولازمه ، قال :
عليه الطير ترقبه عكوفا
وقال يعكفون على أصنام لهم : أي يقيمون على عبادتها . البلد : معروف ، والبلد الصدر ، وبه سمي البلد لأنه صدر القرى . يقال : وضعت الناقة بلدتها إذا بركت . وقيل : سمي البلد بمعنى الأثر ، ومنه قيل " بليد " لتأثير الجهل فيه ، ومنه قيل لبركة البعير " بلدة " لتأثيرها في الأرض إذا بركت ، قال : أنيخت فألقت بلدة بعد بلدة قليل بها الأصوات إلا بغامها
والبارك : البارك بالبلد . الاضطرار : هو الإلجاء إلى الشيء والإكراه عليه ، وهو افتعل من الضر ، أصله اضترار ، أبدلت التاء طاء بدلا لازما ، وفعله متعد ، وعلى ذلك استعماله في القرآن ، وفي كلام العرب ، قال :
اضطرك الحرز من سلمى إلى أجأ
المصير : مفعل من صار يصير فيكون للزمان والمكان ، وأما المصدر فقياسه مفعل بفتح العين ; لأن ما كسرت عين مضارعه فقياسه ما ذكرناه ، لكن النحويين اختلفوا فيما كان عينه ياء من ذلك على ثلاثة مذاهب : أحدها : أنه كالصحيح ، فيفتح في المصدر ويكسر في الزمان والمكان . الثاني : أنه مخير فيه . الثالث : أنه يقتصر على السماع ، فما فتحت فيه العرب فتحنا ، وما كسرت كسرنا ، وهذا هو الأولى . القواعد : قال
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء : هي الجدر ، وقال
أبو عبيدة : الأساس ، قال :
في ذروة من يفاع أولهم زانت عواليها قواعدها
وبالأساس فسرها
ابن عطية أولا
nindex.php?page=showalam&ids=14423والزمخشري وقال : هي صفة غالبة ، ومعناها الثانية ، ومنه قعدك الله ، أي أسأل الله أن يقعدك ، أي : يثبتك ، انتهى كلامه .
والقواعد من النساء جمع قاعد ، وهي التي قعدت عن الولد ، وسيأتي الكلام على كون قاعد لم تأت بالتاء في مكانه ، إن شاء الله تعالى . الأمة : الجماعة ، وهو لفظ
[ ص: 374 ] مشترك ينطلق على الجماعة والواحد المعظم المتبوع ، والمنفرد في الأمر والدين والحين . والأم : هذه أمة زيد ، أي : أمه ، والقامة والشجة التي تبلغ أم الدماغ ، وأتباع الرسل ، والطريقة المستقيمة ، والجيل . المناسك : جمع منسك ومنسك ، والكسر في سين منسك شاذ ; لأن اسم المصدر والزمان والمكان من يفعل بضم العين أو فتحها ، مفعل بفتح العين ، إلا ما شذ من ذلك ، والناسك : المتعبد . البعث : الإرسال والإحياء والهبوب من النوم . العزيز : يقال : عز يعز ، بضم العين ، أي : غلب ، ومنه : " وعزني في الخطاب " ، وعز يعز ، بفتحها ، أي : اشتد ، ومنه : عز علي هذا الأمر ، أي : شق ، وتعزز لحم الناقة : اشتد . وعز يعز من النفاسة ، أي : لا نظير له ، أو قل نظيره . الرغبة عن الشيء : الزهادة فيه ، والرغبة فيه : الإيثار له والاختيار له ، وأصل الرغبة : الطلب . الاصطفاء : الانتجاب والاختيار ، وهو افتعال من الصفو ، وهو الخالص من الكدر والشوائب ، أبدلت من تائه طاء ، كان ثلاثيه لازما . صفا الشيء يصفو ، وجاء الافتعال منه متعديا ، ومعنى الافتعال هنا : التخير ، وهو أحد المعاني التي جاءت لافتعل .