وأسند
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي خلاف هذا أن
موسى كان مع السبعين في المناجاة وحينئذ وقع أمر العجل ، وأن
[ ص: 277 ] الله أعلم
موسى بذلك فكتمه عنهم وجاء بهم حتى سمعوا لغط
بني إسرائيل حول العجل ، فحينئذ علمهم
موسى . انتهى . ولما فرغ من إبطال ما عمله
السامري عاد إلى بيان الدين الحق فقال (
إنما إلهكم الله ) وقرأ الجمهور ( وسع ) فانتصب علما على التمييز المنقول من الفاعل ، وتقدم نظيره في الأنعام . وقرأ
مجاهد وقتادة وسع بفتح السين مشددة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وجهه أن ( وسع ) متعد إلى مفعول واحد وهو كل شيء . وأما ( علما ) فانتصابه على التمييز وهو في المعنى فاعل ، فلما ثقل نقل إلى التعدية إلى مفعولين فنصبهما معا على المفعولية ، لأن المميز فاعل في المعنى كما تقول : خاف زيد عمرا خوفت زيدا عمرا ، فترد بالنقل ما كان فاعلا مفعولا . وقال
ابن عطية ( وسع ) بمعنى خلق الأشياء وكثرها بالاختراع فوسعها موجودات . انتهى .
(
كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما ) .
[ ص: 278 ] ذلك إشارة إلى نبأ
موسى وبني إسرائيل وفرعون أي كقصنا هذا النبأ الغريب نقص عليك من أنباء الأمم السابقة ، وهذا فيه ذكر نعمة عظيمة وهي الإعلام بأخبار الأمم السالفة ليتسلى بذلك ويعلم أن ما صدر من الأمم لرسلهم وما قاست الرسل منهم ، والظاهر أن الذكر هنا القرآن امتن تعالى عليه بإيتائه الذكر المشتمل على القصص والأخبار الدال ذلك على معجزات أوتيها . وقال
مقاتل : (
ذكرا ) بيانا . وقال
أبو سهل : شرفا وذكرا في الناس .
(
من أعرض عنه ) أي عن القرآن بكونه لم يؤمن به ولم يتبع ما فيه . وقرأ الجمهور ( يحمل ) مضارع حمل مخففا مبنيا للفاعل . وقرأت فرقة منهم
داود بن رفيع : يحمل مشدد الميم مبنيا للمفعول لأنه يكلف ذلك لا أنه يحمله طوعا و ( وزرا ) مفعول ثان و ( وزرا ) ثقلا باهظا يؤده حمله وهو ثقل العذاب . وقال
مجاهد : إثما . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : شركا والظاهر أنه عبر عن العقوبة بالوزر لأنه سببها ولذلك قال (
خالدين فيه ) أي في العذاب والعقوبة وجمع خالدين ، والضمير في ( لهم ) حملا على معنى من بعد الحمل على لفظها في أعرض وفي فإنه يحمل ، والمخصوص بالذم محذوف أي وزرهم و ( لهم ) للبيان كهي في (
هيت لك ) لا متعلقة بساء ( وساء ) هنا هي التي جرت مجرى بئس لا ساء التي بمعنى أحزن وأهم لفساد المعنى .
ويوم ننفخ بدل من يوم القيامة . وقرأ الجمهور ( ينفخ ) مبنيا للمفعول ( ونحشر ) بالنون مبنيا للفاعل بنون العظمة . وقرأ
أبو عمرو وابن محيصن وحميد : ننفخ بنون العظمة كنحشر أسند النفخ إلى الآمر به ،
والنافخ هو إسرافيل ولكرامته أسند ما يتولاه إلى ذاته المقدسة و ( الصور ) تقدم الكلام فيه في الأنعام . وقرئ ينفخ ويحشر بالياء فيهما مبنيا للفاعل . وقرأ
الحسن وابن عياض في جماعة (
في الصور ) على وزن درر ،
والحسن : يحشر ، بالياء مبنيا للمفعول ، ويحشر مبنيا للفاعل ، وبالياء أي ويحشر الله . والظاهر أن المراد بالزرق زرقة العيون ، والزرقة أبغض ألوان العيون إلى العرب لأن
الروم أعداؤهم وهم زرق العيون ، ولذلك قالوا في صفة العدو : أسود الكبد ، أصهب السبال ، أزرق العين . وقال الشاعر :
وما كنت أخشى أن تكون وفاته بكفي سبنتى أزرق العين مطرق
وقد ذكر في آية أخرى أنهم يحشرون سود الوجوه ، فالمعنى تشويه الصورة من سواد الوجه وزرقة العين وأيضا فالعرب تتشاءم بالزرقة . قال الشاعر :
لقد زرفت عيناك يا ابن مكعبر ألا كل ضبي من اللؤم أزرق
[ ص: 279 ] وقيل : المعنى عميا لأن العين إذا ذهب نورها ازرق ناظرها ، وبهذا التأويل يقع الجمع بين قوله ( زرقا ) في هذه الآية و ( عميا ) في الآية الأخرى . وقيل : زرق ألوان أبدانهم ، وذلك غاية في التشويه إذ يجيئن كلون الرماد وفي كلام العرب يسمى هذا اللون أزرق ، ولا تزرق الجلود إلا من مكابدة الشدائد وجفوف رطوبتها . وقيل : ( زرقا ) عطاشا والعطش الشديد يرد سواد العين إلى البياض ، ومنه قولهم سنان أزرق وقوله :
فلما وردن المـاء زرقـا جمامـه
أي ابيض ، وذكرت الآيتان
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس فقال : ليوم القيامة حالات فحالة يكونون فيها زرقا وحالة يكونون عميا .
(
يتخافتون ) يتسارون لهول المطلع وشدة ذهاب أذهانهم قد عزب عنهم قدر المدة التي لبثوا فيها (
إن لبثتم ) أي في دار الدنيا أو في البرزخ أو بين النفختين في الصور ثلاثة أقوال : ووصف ما لبثوا فيه بالقصر لأنها لما يعاينون من الشدائد كانت لهم في الدنيا أيام سرور ، وأيام السرور قصار أو لذهابها عنهم وتقضيها ، والذاهب وإن طالت مدته قصير بالانتهاء ، أو لاستطالتهم الآخرة وأنها أبد سرمد يستقصر إليها عمر الدنيا ، ويقال لبث أهلها فيها بالقياس إلى لبثهم في الآخرة و ( إذ ) معمولة لأعلم . و (
أمثلهم ) أعدلهم . و (
طريقة ) منصوبة على التمييز . (
إلا يوما ) إشارة لقصر مدة لبثهم . و (
إلا عشرا ) يحتمل عشر ليال أو عشرة أيام ، لأن المذكر إذا حذف وأبقي عدده قد لا يأتي بالتاء . حكى
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي عن
أبي الجراح : صمنا من الشهر خمسا ، ومنه ما جاء في الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10376487ثم أتبعه بست من شوال ، يريد ستة أيام وحسن الحذف هنا كون ذلك فاصلة رأس آية ذكر أولا منتهى أقل العدد وهو العشر ، وذكر أعدلهم طريقة أقل العدد ، وهو اليوم الواحد ودل ظاهر قوله (
إلا يوما ) على أن المراد بقولهم (
عشرا ) عشرة أيام .