ثم أمره تعالى بالصبر على ما يقول مشركو
قريش ، وهم الذين عاد الضمير عليهم في (
أفلم يهد لهم ) وكانوا يقولون أشياء قبيحة مما نص الله عنهم في كتابه ، فأمره تعالى بالصبر على أذاهم والاحتمال لما يصدر من سوء أخلاقهم ، وأمره بالتسبيح والحمد لله و (
بحمد ربك ) في موضع الحال ، أي وأنت حامد لربك . والظاهر أنه أمر بالتسبيح مقرونا بالحمد ، وإما أن يراد اللفظ أي قل سبحان الله والحمد لله ، أو أريد المعنى وهو التنزيه والتبرئة من السوء والثناء الجميل عليه . وقال
أبو مسلم : لا يبعد حمله على التنزيه والإجلال ، والمعنى اشتغل بتنزيه الله في هذه الأوقات . قال
أبو عبد الله الرازي : وهذا القول أقرب إلى الظاهر وإلى ما تقدم ذكره لأنه صبره أولا (
على ما يقولون ) من التكذيب ومن إظهار الكفر والشرك الذي يليق بذلك أن يؤمر بتنزيهه عن قولهم حتى يكون مظهرا لذلك وداعيا ، ولذلك ما جمع كل الأوقات أو يراد المجاز فيكون المراد الصلاة فقبل طلوع الشمس صلاة الصبح وقبل غروبها صلاة العصر (
ومن آناء الليل ) المغرب والعتمة (
وأطراف النهار ) الظهر وحده . قال
ابن عطية : ويحتمل اللفظ أن يراد قول سبحان الله وبحمده من بعد صلاة الصبح إلى ركعتي الضحى وقبل غروب الشمس ، فقد قال عليه السلام : (
من سبح عند غروب الشمس سبعين تسبيحة غربت بذنوبه ) . انتهى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : (
وقبل غروبها ) يعني الظهر والعصر لأنهما واقعتان في النصف الأخير من النهار بين زوال الشمس وغروبها ، وتعمد (
آناء الليل ) (
وأطراف النهار ) مختصا لها بصلاتك ، وذلك أن أفضل الذكر ما كان بالليل لاجتماع القلب وهدو الرجل والخلو بالرب . وقال تعالى : (
إن ناشئة الليل ) وقال : (
أم من هو قانت آناء الليل ) الآيتين . ولأن الليل وقت السكون والراحة فإذا صرف إلى العبادة كانت على النفس أشد وأشق وللبدن أتعب وأنصب ، فكانت أدخل في معنى التكليف وأفضل عند الله وقد تناول التسبيح في (
آناء الليل ) صلاة العتمة (
وأطراف النهار ) صلاة المغرب وصلاة الفجر على التكرار إرادة الاختصاص كما اختصت في قوله (
حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) عند بعض المفسرين . انتهى . وجاء هنا (
وأطراف النهار ) وفي
هود (
وأقم الصلاة طرفي النهار ) فقيل : جاء على حد قوله .
ومهمهين فدفدين مرتين ظهراهما مثل ظهور الترسين
جاءت التثنية على الأصل والجمع لا من اللبس إذ النهار ليس له إلا طرفان . وقيل : هو على حقيقة الجمع الفجر الطرف الأول ، والظهر والعصر من الطرف الثاني ، والطرف الثالث المغرب والعشاء . وقيل : النهار له أربعة أطراف عند طلوع الشمس ، وعند غروبها ، وعند زوال الشمس ، وعند وقوفها للزوال . وقيل : الظهر في آخر طرف النهار الأول ، وأول طرف النهار الآخر ، فهي في طرفين منه ، والطرف الثالث غروب الشمس وهو وقت المغرب . وقيل : يجعل النهار للجنس فلكل يوم طرف فيتكرر بتكرره . وقيل : المراد بالأطراف الساعات لأن الطرف آخر الشيء . وقرأ الجمهور : ( وأطراف ) بنصب الفاء وهو معطوف على (
ومن آناء الليل ) . وقيل : معطوف على (
قبل طلوع الشمس ) وقرأ
الحسن وعيسى بن عمر ( وأطراف ) بخفض الفاء عطفا على ( آناء ) .
(
لعلك ترضى ) أي تثاب على هذه الأعمال بالثواب الذي تراه وأبرز ذلك في صورة الرجاء والطمع لا على القطع . وقيل : لعل من الله واجبة . وقرأ
أبو حيوة وطلحة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وأبو بكر وأبان وعصمة وأبو عمارة عن
حفص وأبو زيد عن
المفضل وأبو عبيد ومحمد بن عيسى الأصبهاني ترضى بضم التاء أي يرضيك ربك .