(
إذا رجت ) ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : زلزلت وحركت بجذب . وقال أيضا هو
وعكرمة ومجاهد : ( بست ) : فتتت ، وقيل : سيرت . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي : (
رجت ) ، و ( بست ) مبنيا للفاعل ، ( و
إذا رجت ) بدل من (
إذا وقعت ) ، وجواب الشرط عندي ملفوظ به ، وهو قوله : (
فأصحاب الميمنة ) ، والمعنى إذا كان كذا وكذا ، فأصحاب الميمنة ما أسعدهم وما أعظم ما يجازون به ، أي إن سعادتهم وعظم رتبتهم عند الله تظهر في ذلك الوقت الشديد الصعب على العالم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أن ينتصب بخافضة رافعة ، أي تخفض وترفع وقت رج الأرض وبس الجبال ، لأنه عند ذلك ينخفض ما هو مرتفع ويرتفع ما هو منخفض . انتهى . ولا يجوز أن ينتصب بهما معا ، بل بأحدهما ، لأنه لا يجوز أن يجتمع مؤثران على أثر واحد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني وأبو الفضل الرازي : (
إذا رجت ) في موضع رفع على أنه خبر للمبتدأ الذي هو (
إذا وقعت ) ، وليست واحدة منهما شرطية ، بل جعلت بمعنى وقت ، وما بعد إذا أحوال ثلاثة ، والمعنى : وقت وقوع الواقعة صادقة الوقوع ، خافضة قوم ، رافعة آخرين وقت رج الأرض . وهكذا ادعى
ابن مالك أن إذا تكون مبتدأ ، واستدل بهذا . وقد ذكرنا في شرح التسهيل ما تبقى به إذا على مدلولها من الشرط ، وتقدم شرح الهباء في سورة الفرقان . (
منبثا ) : منتشرا . منبتا بنقطتين بدل الثاء المثلثة ، قراءة الجمهور ، أي منقطعا .
( وكنتم ) : خطاب للعالم ، (
أزواجا ثلاثة ) : أصنافا ثلاثة ، وهذه رتب للناس يوم القيامة . (
فأصحاب الميمنة ) ، قال
الحسن والربيع : هم الميامين على أنفسهم . وقيل : الذين يؤتون صحائفهم بأيمانهم . وقيل : أصحاب المنزلة السنية ، كما تقول : هو مني باليمين . وقيل : المأخوذ بهم ذات اليمين أو ميمنة آدم المذكورة في حدث الإسراء في الأسودة . (
وأصحاب المشأمة ) : هم من قابل أصحاب الميمنة في هذه الأقوال ، فأصحاب مبتدأ ، ما مبتدأ ثان استفهام
[ ص: 205 ] في معنى التعظيم ، وأصحاب الميمنة خبر عن ما ، وما بعدها خبر عن أصحاب ، وربط الجملة بالمبتدأ تكرار المبتدأ بلفظه ، وأكثر ما يكون ذلك في موضع التهويل والتعظيم ، وما تعجب من حال الفريقين في السعادة والشقاوة ، والمعنى : أي شيء هم .
(
والسابقون السابقون ) : جوزوا أن يكون مبتدأ وخبرا ، نحو قولهم : أنت أنت ، وقوله : أنا أبو النجم ، وشعري شعري ، أي الذين انتهوا في السبق ، أي الطاعات ، وبرعوا فيها وعرفت حالهم . وأن يكون السابقون تأكيدا لفظيا ، والخبر فيما بعد ذلك ; وأن يكون السابقون مبتدأ والخبر فيما بعده ، وتقف على قوله : ( والسابقون ) ، وأن يكون متعلق السبق الأول مخالفا للسبق الثاني . والسابقون إلى الإيمان السابقون إلى الجنة ، فعلى هذا جوزوا أن يكون السابقون خبرا لقوله : ( والسابقون ) ، وأن يكون صفة والخبر فيما بعده . والوجه الأول ، قال
ابن عطية : ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أنه يعني السابقون خبر الابتداء ، يعني خبر والسابقون ، وهذا كما تقول : الناس الناس ، وأنت أنت ، وهذا على تفخيم الأمر وتعظيمه . انتهى . ويرجح هذا القول أنه ذكر أصحاب الميمنة متعجبا منهم في سعادتهم ، وأصحاب المشأمة متعجبا منهم في شقاوتهم ، فناسب أن يذكر السابقون مثبتا حالهم معظما ، وذلك بالإخبار أنهم نهاية في العظمة والسعادة ، والسابقون عموم في السبق إلى أعمال الطاعات ، وإلى ترك المعاصي . وقال
عثمان بن أبي سودة : السابقون إلى المساجد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين : هم الذين صلوا إلى القبلتين . وقال
كعب : هم أهل القرآن . وفي الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374923سئل عن السابقين فقال : هم الذين إذا أعطوا الحق قبلوه ، وإذا سئلوه بذلوه ، وحكموا للناس بحكمهم لأنفسهم " . ( أولئك ) : إشارة إلى السابقين المقربين الذين علت منازلهم وقربت درجاتهم في الجنة من العرش . وقرأ الجمهور : (
في جنات ) ، جمعا .
وطلحة : في جنة مفردا . وقسم السابقين المقربين إلى (
ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) . وقال
الحسن : السابقون من الأمم ، والسابقون من هذه الأمة . وقالت
عائشة : الفرقتان في كل أمة نبي ، في صدرها ثلة ، وفي آخرها قليل . وقيل : هما الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، كانوا في صدر الدنيا ، وفي آخرها أقل . وفي الحديث : "
الفرقتان في أمتي ، فسابق في أول الأمة ثلة ، وسابق سائرها إلى يوم القيامة قليل " ، وارتفع ثلة على إضمارهم .
وقرأ الجمهور : (
على سرر ) بضم الراء ;
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي وأبو السمال : بفتحها ، وهي لغة لبعض بني
تميم وكلب ، يفتحون عين فعل جمع فعيل المضعف ، نحو سرير ، وتقدم ذلك في والصافات . (
موضونة ) ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : مرمولة بالذهب . وقال
عكرمة : مشبكة بالدر والياقوت . (
متكئين عليها ) : أي على السرر ، ومتكئين : حال من الضمير المستكن في (
على سرر ) ، ( متقابلين ) : ينظر بعضهم إلى بعض ، وصفوا بحسن العشرة وتهذيب الأخلاق وصفاء بطائنهم من غل إخوانا . (
يطوف عليهم ولدان مخلدون ) : وصفوا بالخلد ، وإن كان من في الجنة مخلدا ، ليدل على أنهم يبقون دائما في سن الولدان ، لا يكبرون ولا يتحولون عن شكل الوصافة . وقال
مجاهد : لا يموتون . وقال
الفراء : مقرطون بالخلدات ، وهي ضروب من الأقراط . (
وكأس من معين ) ، قال : من خمر سائلة جارية معينة . (
لا يصدعون عنها ) ، قال الأكثرون : لا يلحق رءوسهم الصداع الذي يلحق من خمر الدنيا . وقرأت على أستاذنا العلامة
أبي جعفر بن الزبير ، رحمه الله تعالى قول
علقمة في صفة الخمر :
تشفي الصداع ولا يؤذيك صالبها ولا يخالطها في الرأس تدويم
فقال : هذه
صفة أهل الجنة . وقيل : لا يفرقون عنها بمعنى : لا تقطع عنهم لذتهم بسبب من الأسباب ، كما تفرق أهل خمر الدنيا بأنواع من التفريق ، كما جاء : فتصدع السحاب عن
المدينة : أي فتفرق . وقرأ
مجاهد : لا يصدعون ، بفتح الياء وشد الصاد ، أصله يتصدعون ، أدغم التاء في الصاد : أي لا يتفرقون ، كقوله :
[ ص: 206 ] (
يومئذ يصدعون ) . والجمهور ; بضم الياء وخفة الصاد ; والجمهور : بجر ( وفاكهة ) ; ولحم .
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي : برفعهما ، أي ولهم . والجمهور : (
ولا ينزفون ) مبنيا للمفعول . قال
مجاهد وقتادة وجبير والضحاك : لا تذهب عقولهم سكرا ;
وابن أبي إسحاق : بفتح الياء وكسر الزاي ، نزف البئر : استفرغ ماءها ، فالمعنى : لا تفرغ خمرهم .
وابن أبي إسحاق أيضا
وعبد الله والسلمي والجحدري nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وطلحة وعيسى : بضم الياء وكسر الزاي : أي لا يفنى لهم شراب ، (
مما يتخيرون ) : يأخذون خيره وأفضله ، (
مما يشتهون ) : أي يتمنون .
وقرأ الجمهور : (
وحور عين ) برفعهما ; وخرج
علي على أن يكون معطوفا على ( ولدان ) ، أو على الضمير المستكن في ( متكئين ) ، أو على مبتدأ محذوف هو وخبره تقديره : لهم هذا كله ، (
وحور عين ) ، أو على حذف خبر فقط : أي ولهم حور ، أو فيهما حور . وقرأ
السلمي والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16711وعمرو بن عبيد وأبو جعفر وشيبة nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وطلحة والمفضل وأبان وعصمة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : بجرهما ;
والنخعي : وحير عين ، بقلب الواو ياء وجرهما ، والجر عطف على المجرور ، أي يطوف عليهم ولدان بكذا وكذا وحور عين . وقيل : هو على معنى : وينعمون بهذا كله وبحور عين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : عطفا على (
جنات النعيم ) ، كأنه قال : هم في جنات وفاكهة ولحم وحور . انتهى ، وهذا فيه بعد وتفكيك كلام مرتبط بعضه ببعض ، وهو فهم أعجمي . وقرأ
أبي وعبد الله : وحورا عينا بنصبهما ، قالوا : على معنى ويعطون هذا كله وحورا عينا . وقرأ
قتادة : وحور عين بالرفع مضافا إلى عين ;
وابن مقسم : بالنصب مضافا إلى عين ;
وعكرمة : وحوراء عيناء على التوحيد اسم جنس ، وبفتح الهمزة فيهما ; فاحتمل أن يكون مجرورا عطفا على المجرور السابق ; واحتمل أن يكون منصوبا ; كقراءة
أبي وعبد الله وحورا عينا . ووصف اللؤلؤ بالمكنون ، لأنه أصفى وأبعد من التغير . وفي الحديث : "
صفاؤهن كصفاء الدر الذي لا تمسه الأيدي " . وقال تعالى : (
كأنهن بيض مكنون ) ، وقال الشاعر ، يصف امرأة بالصون وعدم الابتذال ، فشبهها بالدرة المكنونة في صدفتها فقال :
قامت تراءى بين سجفي كلة كالشمس يوم طلوعها بالأسعد
أو درة صدفية غواصها بهج متى يرها يهل ويسجد
(
جزاء بما كانوا يعملون ) : روي أن المنازل والقسم في الجنة على قدر الأعمال ، ونفس دخول الجنة برحمة الله تعالى وفضله لا بعمل عامل ، وفيه النص الصحيح الصريح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374926لا يدخل أحد الجنة بعمله ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله ، قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني بفضل منه ورحمة " . ( لغوا ) : سقط القول وفحشه ، (
ولا تأثيما ) : ما يؤثم أحدا والظاهر أن (
إلا قيلا سلاما سلاما ) استثناء منقطع ، لأنه لم يندرج في اللغو ولا التأثيم ، ويبعد قول من قال استثناء متصل . وسلاما ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : هو مصدر نصبه ( قيلا ) ، أي يقول بعضهم لبعض (
سلاما سلاما ) . وقيل : نصب بفعل محذوف ، وهو معمول قيلا ، أي قيلا اسلموا سلاما . وقيل : ( سلاما ) بدل من ( قيلا ) . وقيل : نعت لقيلا بالمصدر ، كأنه قيل : إلا قيلا سالما من هذه العيوب . (
في سدر ) : في الجنة شجر على خلقه ، له ثمر كقلال هجر طيب الطعم والريح . (
مخضود ) : عار من الشوك . وقال
مجاهد : المخضود : الموقر الذي تثني أغصانه كثرة حمله ، من خضد الغصن إذا أثناه . وقرأ الجمهور : (
وطلح ) بالحاء ;
وعلي وجعفر بن محمد وعبد الله : بالعين ، قرأها على المنبر . وقال
علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وعطاء ومجاهد : الطلح : الموز . وقال
الحسن : ليس بالموز ، ولكنه شجر ظله بارد رطب . وقيل : شجر أم غيلان ، وله نوار كثير طيب الرائحة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : شجر يشبه طلح الدنيا ، ولكن له ثمر أحلى من العسل . والمنضود : الذي نضد من أسفله إلى أعلاه ، فليست له ساق تظهر . (
وظل ممدود ) : لا يتقلص . بل منبسط لا ينسخه شيء .
[ ص: 207 ] قال
مجاهد : هذا الظل من سدرها وطلحها . (
وماء مسكوب ) ، قال
سفيان وغيره : جار في غير أخاديد . وقيل : منساب لا يتعب فيه بساقية ولا رشاء . (
لا مقطوعة ) : أي هي دائمة لا تنقطع في بعض الأوقات ، كفاكهة الدنيا ، (
ولا ممنوعة ) : أي لا يمنع من تناولها بوجه ، ولا يحظر عليها كالتي في الدنيا . وقرئ : وفاكهة كثيرة برفعهما ، أي وهناك فاكهة ، وفرش : جمع فراش . وقرأ الجمهور : بضم الراء ;
وأبو حيوة : بسكونها مرفوعة ، نضدت حتى ارتفعت ، أو رفعت على الأسرة . والظاهر أن الفراش هو ما يفترش للجلوس عليه والنوم . وقال
أبو عبيدة وغيره : المراد بالفرش النساء ، لأن المرأة يكنى عنها بالفراش ، ورفعهن في الأقدار والمنازل . والضمير في (
أنشأناهن ) عائد على الفرش في قول
أبي عبيدة ، إذ هن النساء عنده ، وعلى ما دل عليه الفرش إذا كان المراد بالفرش ظاهر ما يدل عليه من الملابس التي تفرش ويضطجع عليها ، أي ابتدأنا خلقهن ابتداء جديدا من غير ولادة . والظاهر أن الإنشاء هو الاختراع الذي لم يسبق بخلق ، ويكون ذلك مخصوصا بالحور اللاتي لسن من نسل
آدم ، ويحتمل أن يريد إنشاء الإعادة فيكون ذلك لبنات
آدم . (
فجعلناهن أبكارا عربا ) : والعرب ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : العروب المتحببة إلى زوجها ، وقاله
الحسن ، وعبر
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا عنهن بالعواشق ، ومنه قول
لبيد :
وفي الخدور عروب غير فاحشة ريا الروادف يغشى دونها البصر
وقال
ابن زيد : العروب : المحسنة للكلام .
وقرأ
حمزة وناس منهم شجاع
وعباس nindex.php?page=showalam&ids=13721والأصمعي ، عن
أبي عمرو ، وناس منهم
خارجة وكردم وأبو خليد عن
نافع ، وناس منهم
أبو بكر وحماد وأبان عن
عاصم : بسكون الراء ، وهي لغة
تميم ; وباقي السبعة : بضمها . ( أترابا ) في الشكل والقد ، وأبعد من ذهب إلى أن الضمير في (
أنشأناهن ) عائد على الحور العين المذكورة قبل ، لأن تلك قصة قد انقطعت ، وهي قصة السابقين ، وهذه قصة أصحاب اليمين . واللام في ( لأصحاب ) متعلقة بأنشأناهن . (
ثلة من الأولين ) : أي من الأمم الماضية ، (
وثلة من الآخرين ) : أي من أمة
محمد ، صلى الله عليه وسلم ، ولا تنافي بين قوله : (
وثلة من الآخرين ) وقوله قبل : (
وقليل من الآخرين ) ، لأن قوله : (
من الآخرين ) هو في السابقين ، وقوله (
وثلة من الآخرين ) هو في أصحاب اليمين .