[ ص: 434 ] (
وإذا الصحف نشرت ) صحف الأعمال كانت مطوية على الأعمال ، فنشرت يوم القيامة ليقرأ كل إنسان كتابه . وقيل : الصحف التي تتطاير بالأيمان والشمائل بالجزاء ، وهي صحف غير صحف الأعمال . وقرأ
أبو رجاء ، و
قتادة ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج وشيبة ،
وأبو جعفر ،
ونافع ، وابن عامر و
عاصم : نشرت بخف الشين ، وباقي السبعة : بشدها . وكشط السماء : طيها كطي السجل . وقيل : أزيلت كما يكشط الجلد عن الذبيحة . وقرأ
عبد الله : قشطت بالقاف ، وهما كثيرا ما يتعاقبان ، كقولهم : عربي قح وكح ، وتقدمت قراءته قافورا ، أي كافورا . وقرأ
نافع ،
وابن عامر ،
وحفص : ( سعرت ) بشد العين ، وباقي السبعة : بخفها ، وهي قراءة
علي . قال
قتادة : سعرها غضب الله تعالى وذنوب بني آدم ، وجواب إذا وما عطفت عليه (
علمت نفس ما أحضرت ) ونفس تعم في الإثبات من حيث المعنى ، ما أحضرت من خير تدخل به الجنة ، أو من شر تدخل به النار . وقال
ابن عطية : ووقع الإفراد لينبه الذهن على حقارة المرء الواحد وقلة دفاعه عن نفسه . انتهى .
وقرئت هذه السورة عند
عبد الله ، فلما بلغ القارئ (
علمت نفس ما أحضرت ) قال
عبد الله : وانقطاع ظهراه . ( بالخنس ) قال الجمهور : الدراري السبعة : الشمس ، والقمر ، وزحل ، وعطارد ، والمريخ ، والزهرة ، والمشتري ، وقال
علي : الخمسة دون الشمس والقمر ، تجري الخمسة مع الشمس والقمر ، وترجع حتى تخفى مع ضوء الشمس ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وقال
ابن عطية : تخنس في جريها التي يتعهد فيها ترى العين ، وهي جوار في السماء ، وهي تكنس في أبراجها ، أي تستتر ، وقال علي أيضا
والحسن وقتادة : هي النجوم كلها ؛ لأنها تخنس وتكنس بالنهار حين تختفي ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أيتخنس بالنهار وتكنس بالليل ، أي تطلع في أماكنها كالوحش في كنسها . انتهى . وقال
عبد الله ،
والنخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد وجماعة : المراد (
بالخنس الجوار الكنس ) : بقر الوحش ؛ لأنها تفعل هذه الأفعال في كنائسها ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير ،
والضحاك : هي الظباء ، والخنس من صفة الأنوق لأنها يلزمها الخنس ، وكذا بقر الوحش ( عسعس ) بلغة
قريش ، وقال
الحسن : أقبل ظلامه ، ويرجحه مقابلته بقوله : (
والصبح إذا تنفس ) فهما حالتان ، وقال المبرد : أقسم بإقباله وإدباره ، وتنفسه : كونه يجيء معه روح ونسيم ، فكأنه نفس له على المجاز . ( إنه ) أي إن هذا المقسم عليه ، أي إن القرآن (
لقول رسول كريم ) الجمهور : على أنه
جبريل عليه السلام . وقيل :
محمد صلى الله عليه وسلم ، وكريم صفة تقتضي نفي المذام كلها وإثبات صفات المدح اللائقة به . (
ذي قوة ) كقوله : (
شديد القوى ) . (
عند ذي ) الكينونة اللائقة من شرف المنزلة وعظم المكانة . وقيل : العرش متعلق بمكين مطاع . ثم إشارة إلى (
عند ذي العرش ) أي إنه مطاع في ملائكة الله المقربين يصدرون عن أمره ، وقرأ
أبو جعفر ،
وأبو حيوة ،
وأبو البرهسم وابن مقسم : ثم ، بضم الثاء : حرف عطف ، والجمهور : ( ثم ) بفتحها ظرف مكان للبعيد ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وقرئ ثم تعظيما للأمانة وبيانا لأنها أفضل صفاته المعدودة . انتهى . وقال صاحب اللوامح : بمعنى مطاع وأمين ، وإنما صارت ثم بمعنى الواو بعد أن مواضعتها للمهلة والتراخي عطفا ، وذلك لأن
جبريل عليه السلام كان بالصفتين معا في حال واحدة ، فلو ذهب ذاهب إلى الترتيب والمهلة في هذا العطف بمعنى مطاع في الملأ الأعلى ، (
ثم أمين ) عند انفصاله عنهم حال وحيه على الأنبياء ، عليهم الصلاة والسلام لجاز أن لو ورد به أثر . انتهى . ( أمين ) مقبول القول ليصدق فيما يقوله ، مؤتمن على ما يرسل به من وحي وامتثال أمر (
وما صاحبكم بمجنون ) نفى عنه ما كانوا ينسبونه إليه ويبهتونه به من الجنون . (
ولقد رءاه ) أي رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ،
جبريل عليه السلام ، وهذه الرؤية بعد أمر غار حراء حين رآه على كرسي بين السماء
[ ص: 435 ] والأرض في صورته له ستمائة جناح ، وقيل : هي الرؤية التي رآه فيها عند سدرة المنتهى ، وسمي ذلك الموضع أفقا مجازا ، وقد كانت له عليه السلام ، رؤية ثانية بالمدينة ، وليست هذه ، ووصف الأفق بالمبين ؛ لأنه روي أنه كان في المشرق من حيث تطلع الشمس ، قاله
قتادة وسفيان ، وأيضا فكل أفق في غاية البيان ، وقيل : في أفق السماء الغربي ، حكاه
ابن شجرة ، وقال
مجاهد : رآه نحو جياد ، وهو مشرق
مكة ، وقرأ
عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ،
وابن الزبير ،
وعائشة ، و
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير ،
وعروة ،
وهشام بن جندب ، و
مجاهد وغيرهم ، ومن السبعة النحويان
وابن كثير : ( بظنين ) بالظاء ، أي بمتهم ، وهذا نظير الوصف السابق بأمين ، وقيل : معناه بضعيف القوة على التبليغ من قولهم : بئر ظنون إذا كانت قليلة الماء ، وكذا هو بالظاء في مصحف
عبد الله ، وقرأ
عثمان nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس أيضا
والحسن ،
وأبو رجاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج ،
وأبو جعفر ،
وشيبة وجماعة غيرهم وباقي السبعة : بالضاد ، أي ببخيل يشح به لا يبلغ ما قيل له ويبخل ، كما يفعل الكاهن حتى يعطى حلوانه ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : وبالضاد خطوط المصاحف كلها . (
وما هو بقول شيطان رجيم ) أي الذي يتراءى له إنما هو ملك لا مثل الذي يتراءى للكهان . (
فأين تذهبون ) استضلال لهم ، حيث نسبوه مرة إلى الجنون ، ومرة إلى الكهانة ، ومرة إلى غير ذلك مما هو بريء منه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : كما يقال لتارك الجادة اعتسافا أو ذهابا في بنيات الطريق : أين تذهب ؟ مثلت حالهم بحاله في تركهم الحق وعدولهم عنه إلى الباطل . انتهى . ( ذكر ) : تذكرة وعظة ، (
لمن شاء ) بدل من ( للعالمين ) ثم علق مشيئة العبيد بمشيئة الله تعالى ، قال
ابن عطية : ثم خصص تعالى من شاء الاستقامة بالذكر تشريفا وتنبيها وذكرا لتلبسهم بأفعال الاستقامة ، ثم بين تعالى أن تكسب العبد على العموم في استقامة وغيرها إنما يكون مع خلق الله تعالى واختراعه الإيمان في صدر المرء . انتهى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وإنما أبدلوا منهم لأن الذين شاءوا الاستقامة بالدخول في الإسلام هم المنتفعون بالذكر ، فكأنه لم يوعظ به غيرهم ، وإن كانوا موعوظين جميعا . (
وما تشاءون ) الاستقامة يا من يشاؤها إلا بتوفيق الله تعالى ولطفه ، ما تشاءونها أنتم يا من لا يشاؤها إلا بقسر الله وإلجائه . انتهى . ففسر كل من
ابن عطية ، و
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري المشيئة على مذهبه ، وقال
الحسن : ما شاءت العرب الإسلام حتى شاء الله لها .