(
وإذا الأرض مدت ) قال
مجاهد : سويت . وقال
الضحاك : بسطت باندكاك جبالها ، ومنه الحديث : ( تمد الأرض مد الأديم العكاظي حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدميه ) ، وذلك أن الأديم إذا مد زال ما فيه من تئن وانبسط ، فتصير الأرض إذ ذاك كما قال تعالى : (
قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ) .
[ ص: 446 ] (
وألقت ما فيها وتخلت ) قال
ابن جبير والجمهور : ألقت ما في بطنها من الأموات ، وتخلت ممن على ظهرها من الأحياء . وقيل : تخلت مما على ظهرها من جبالها وبحارها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : ومن الكنوز ، وضعف هذا بأن ذلك يكون وقت خروج الدجال ، وإنما تلقي يوم القيامة الموتى . (
وتخلت ) : أي عن ما كان فيها ، لم تتمسك منهم بشيء . وجاء تخلت : أي تكلفت أقصى جهدها في الخلو . كما تقول : تكرم الكريم : بلغ جهده في الكرم وتكلف فوق ما في طبعه ، ونسبة ذلك إلى الأرض نسبة مجازية ، والله تعالى هو الذي أخرج تلك الأشياء من باطنها . وجواب إذا محذوف ، فإما أن يقدره الذي خرج به في سورة التكوير أو الانفطار ، أو ما يدل عليه : (
إنك كادح ) أي لاقى كل إنسان كدحه . وقال
الأخفش nindex.php?page=showalam&ids=15153والمبرد : هو ملاقيه ، إذا انشقت السماء فأنت ملاقيه . وقيل : (
ياأيها الإنسان ) على حذف الفاء تقديره : فيا أيها الإنسان . وقيل : (
وأذنت ) على زيادة الواو ، وعن
الأخفش : (
إذا السماء ) مبتدأ ، خبره (
وإذا الأرض ) على زيادة الواو ، والعامل فيها على قول الأكثرين : الجواب إما المحذوف الذي قدروه ، وإما الظاهر الذي قيل إنه جواب . قال
ابن عطية : وقال بعض النحويين : العامل انشقت ، وأبى ذلك كثير من أئمتهم ، لأن إذا مضافة إلى انشقت ، ومن يجيز ذلك تضعف عنده الإضافة ويقوى معنى الجزاء . انتهى . وهذا القول نحن نختاره ، وقد استدللنا على صحته فيما كتبناه ، والتقدير : وقت انشقاق السماء وقت مد الأرض . وقيل : لا جواب لها إذ هي قد نصبت باذكر نصب المفعول به ، فليست شرطا .
(
وأذنت لربها ) أي في إلقاء ما في بطنها وتخليها . والإنسان : يراد به الجنس ، والتقسيم بعد ذلك يدل عليه . وقال
مقاتل : المراد به
الأسود بن عبد الأسد بن هلال المخزومي ، جادل أخاه
أبا سلمة في أمر البعث ، فقال
أبو سلمة : والذي خلقك لتركبن الطبقة ولتوافين العقبة . فقال
الأسود : فأين الأرض والسماء ؟ وما حال الناس ؟ انتهى . وكان
مقاتلا يريد أنها نزلت في
الأسود ، وهي تعم الجنس . وقيل : المراد
أبي بن خلف ، كان يكدح في طلب الدنيا وإيذاء الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، والإصرار على الكفر . وأبعد من ذهب إلى أنه الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، والمعنى : إنك تكدح في إبلاغ رسالات الله تعالى وإرشاد عباده واحتمال الضر من الكفار ، فأبشر فإنك تلقى الله بهذا العمل ، وهو غير ضائع عنده .
(
إنك كادح ) أي جاهد في عملك من خير وشر إلى ربك ، أي طول حياتك إلى لقاء ربك ، وهو أجل موتك . ( فملاقيه ) أي جزاء كدحك من ثواب وعقاب . قال
ابن عطية : فالفاء على هذا عاطفة جملة الكلام على التي قبلها ، والتقدير : فأنت ملاقيه ، ولا يتعين ما قاله ، بل يصح أن يكون معطوفا على كادح عطف المفردات . وقال الجمهور : الضمير في ملاقيه عائد على ربك ، أي فملاقي جزائه ، فاسم الفاعل معطوف على اسم الفاعل . (
حسابا يسيرا ) قالت
عائشة رضي الله تعالى عنها : يقرر ذنوبه ثم يتجاوز عنه . وقال
الحسن : يجازى بالحسنة ويتجاوز عن السيئة . وفي
الحديث : ( من حوسب عذب ) ، فقالت
عائشة : ألم يقل الله تعالى (
فسوف يحاسب حسابا يسيرا ) ؟ فقال ، عليه الصلاة والسلام : ( إنما ذلك العرض ، وأما من نوقش الحساب فيهلك ) .
(
وينقلب إلى أهله ) أي إلى من أعد الله له في الجنة من نساء المؤمنات ومن الحور العين ، أو إلى عشيرته المؤمنين ، فيخبرهم بخلاصه وسلامته ، أو إلى المؤمنين ، إذ هم كلهم أهل إيمان . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي : ( ويقلب ) مضارع قلب مبنيا للمفعول .
(
وراء ظهره ) روي أن شماله تدخل من صدره حتى تخرج من وراء ظهره ، فيأخذ كتابه بها . قال
ابن عطية : وأما من ينفذ عليه الوعيد من عصاتهم ، يعني عصاة المؤمنين ، فإنه يعطى كتابه عند خروجه من النار . وقد جوز قوم أن يعطاه أولا قبل دخوله النار ، وهذه الآية ترد على هذا القول . انتهى . والظاهر من الآية
[ ص: 447 ] أن الإنسان انقسم إلى هذين القسمين ولم يتعرض للعصاة الذين يدخلهم الله النار (
يدعو ثبورا ) يقول : واثبوراه ، والثبور : الهلاك ، وهو جامع لأنواع المكاره . وقرأ
قتادة ،
وأبو جعفر ،
وعيسى ،
وطلحة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ، و
عاصم ،
وأبو عمرو ،
وحمزة : ( ويصلى ) بفتح الياء مبنيا للفاعل ، وباقي السبعة و
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز ،
وأبو الشعثاء ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج : بضم الياء وفتح الصاد واللام مشددة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11825وأبو الأشهب وخارجة عن
نافع ،
وأبان عن
عاصم ،
وعيسى أيضا والعتكي وجماعة عن
أبي عمرو : بضم الياء ساكن الصاد مخفف اللام ، بني للمفعول من المتعدي بالهمزة ، كما بني ( ويصلى ) المشدد للمفعول من المتعدي بالتضعيف .