[ ص: 509 ] سورة العصر مكية وهي ثلاث آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
(
والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) .
هذه السورة مكية في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وابن الزبير والجمهور ، ومدنية في قول
مجاهد وقتادة ومقاتل . لما قال فيما قبلها : (
ألهاكم التكاثر ) ووقع التهديد بتكرار (
كلا سوف تعلمون ) بين حال المؤمن والكافر .
(
والعصر ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هو الدهر ، يقال فيه عصر وعصر وعصر ، أقسم به تعالى لما في مروره من أصناف العجائب . وقال
قتادة : العصر : العشي ، أقسم به كما أقسم بالضحى لما فيهما من دلائل القدرة . وقيل : العصر : اليوم والليلة ، ومنه قول
حميد بن ثور :
ولن يلبث العصران يوما وليلة إذا طلبا أن يدركا ما تيمما
وقيل : العصر بكرة ، والعصر عشية ، وهما الأبردان ، فعلى هذا والقول قبله يكون القسم بواحد منهما غير معين ، وقال
مقاتل : العصر : الصلاة الوسطى ، أقسم بها . وبهذا القول بدأ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري قال : لفضلها بدليل قوله تعالى (
والصلاة الوسطى ) صلاة العصر ، في مصحف
حفصة ، وقوله : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10375014من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله ) لأن التنكيف في أدائها أشق لتهافت الناس في تجاراتهم وتحاسبهم آخر النهار واشتغالهم بمعايشهم . انتهى . وقرأ
سلام : (
والعصر ) بكسر الصاد ، ( الصبر ) بكسر الباء ، قال
ابن عطية : وهذا لا يجوز إلا في الوقف على نقل الحركة . وروي عن
أبي عمرو : ( بالصبر ) بكسر الباء إشماما ، وهذا أيضا لا يكون إلا في الوقف . انتهى . وفي الكامل
للهزلي : ( والعصر ، والصبر ، والفجر ، والوتر ) ، بكسر ما قبل الساكن في هذه كلها
هارون ،
وابن موسى عن
أبي عمرو ، والباقون : بالإسكان كالجماعة . انتهى . وقال
ابن خالويه : (
وتواصوا بالصبر ) بنقل الحركة عن
أبي عمرو . وقال صاحب اللوامح
عيسى البصرة : ( بالصبر ) ، بنقل حركة الراء إلى الباء لئلا يحتاج أن يأتي ببعض الحركة في الوقف ، ولا إلى أن يسكن فيجمع بين ساكنين ، وذلك لغة شائعة ، وليست شاذة بل مستفيضة ، وذلك دلالة على الإعراب ، وانفصال عن التقاء الساكنين ، ومادته حق الموقوف عليه من السكون . انتهى . وقد أنشدنا في الدلالة على هذا في شرح التسهيل عدة أبيات ، كقول الراجز :
أنا جرير كنيتي أبو عمر أضرب بالسيف وسعد في العصر
يريد :
أبو عمرو . والعصر . والإنسان اسم جنس يعم ، ولذلك صح الاستثناء منه ، والخسر : الخسران ، كالكفر والكفران ، وأي خسران أعظم ممن خسر الدنيا والآخرة ؟ وقرأ
ابن هرمز ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي ،
وهارون عن
أبي بكر عن
عاصم : " خسر " بضم السين ، والجمهور بالسكون ، ومن باع آخرته بدنياه فهو في غاية الخسران ، بخلاف المؤمن ، فإنه اشترى الآخرة بالدنيا ، فربح وسعد . (
وتواصوا بالحق ) أي بالأمر الثابت من الذين عملوا به وتواصوا به (
وتواصوا بالصبر ) في طاعة الله تعالى ، وعن المعاصي .