(
ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ولكم في القصاص حياة ياأولي الألباب لعلكم تتقون كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم ) .
[ ص: 497 ] قبل : ظرف مكان ، تقول : زيد قبلك . وشرح المعنى : أنه في المكان الذي هو مقابلك فيه . وقد يتسع فيه فيكون بمعنى العندية المعنوية . تقول لي : قبل زيد دين . الرقاب : جمع رقبة ، والرقبة : مؤخر العنق ، واشتقاقها من المراقبة ، وذلك أن مكانها من البدن مكان الرقيب المشرف على القوم . ولهذا المعنى يقال : أعتق الله رقبته ، ولا يقال : أعتق الله عنقه ; لأنها لما سميت رقبة ، كانت كأنها تراقب العذاب . ومن هذا يقال للتي لا يعيش لها ولد : رقوب ، لأجل مراعاتها موت ولدها . قال في المنتخب : وفعال جمع يطرد لفعلة ، سواء كانت اسما نحو : رقبة ورقاب ، أو صفة نحو : حسنة وحسان ، وقد يعبر بالرقبة عن الشخص بجملته . البأساء : اسم مشتق من البؤس ، إلا أنه مؤنث وليس بصفة ، وقيل : هو صفة أقيمت مقام الموصوف . والبؤس والبأساء : الفقر ، يقال منه : بئس الرجل ، إذا افتقر ، قال الشاعر :
ولم يك في بؤس إذا بات ليلة يناغي غزالا ساجي الطرف أكحلا
والبأس : شدة القتال ، ومنه حديث
علي : كنا إذا اشتد البأس اتقينا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - . ويقال : بؤس الرجل ، أي شجع . الضراء : من الضر ، فقيل : ليس بصفة ، وقيل : هو صفة أقيمت مقام الموصوف . وفي الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10373884وأعوذ بك من ضر أو مضرة " . وقال أهل اللغة : الضراء ، بالفتح : ضد النفع ، والضر ، بالضم الزمانة . " القصاص " : مصدر قاص يقاص مقاصة وقصاصا ; نحو : قاتل يقاتل مقاتلة وقتالا . والقصاص : مقابلة الشيء بمثله ، ومنه : قتل من قتل بالمقتول ، وأصله من قصصت الأثر : أي اتبعته ; لأنه اتباع بدم المقتول ، ومنه قص الشعر : اتباع أثره . الحر : معروف ، تقول : حر الغلام يحر حرية فهو حر ، وجمعه ، أعني فعلا الصفة على أحرار محفوظ . وقالوا مروا مرارا ، فإن كانت فعلا صفة للآدميين ، جمعت الواو والنون ، وكما أن أحرارا محفوظ في الجمع ، كذلك حرائر محفوظ في جمع حرة مؤنثة . " القتلى " : جمع قتيل ، وهو منقاس في فعيل ، الوصف بمعنى ممات أو موجع . " الأنثى " : معروف ، وهي فعلى ، الألف فيه للتأنيث ، وهو مقابل الذكر الذي هو مقابل للمرأة . ويقال للخصيتين أنثيان ، وهذا البناء لا تكون ألفه إلا للتأنيث ، ولا تكون للإلحاق ، لفقد فعلل في كلامهم . الأداء : بمعنى التأدية ، أديت الدين : قضيته ، وأدى عنك رسالة : بلغها . أنه لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي ، أي لا يبلغ . " أولوا " : من الأسماء التي هي في الرفع بالواو ، وفي الجر والنصب بالياء . ومعنى " أولوا " : أصحاب ، ومفرده من غير لفظه ، وهو ذو بمعنى : صاحب . وأعرب هذا الإعراب على جهة الشذوذ ، ومؤنثه أولات بمعنى : صاحبات ، وإعرابها كإعرابها ، فترفع بالضمة وتجر وتنصب بالكسرة ، وهما لازمان للإضافة إلى اسم جنس ظاهر ، وكتبا في المصحف بواو بعد الألف ، ولو سميت بأولوا ، زدت نونا فقلت : جاء من أولون ، ورأيت أولين ، ومررت بأولين ، نص على ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ; لأنها حالة إضافتها مقدر سقوط نون منها لأجل الإضافة . كما تقول : ضاربو زيد ، وضاربين زيدا . " الألباب " : جمع لب ، وهو العقل الخالي من الهوى ، سمي بذلك ، إما لبنائه من قولهم : ألب بالمكان ، ولب به : أقام ، وإما من اللباب ، وهو الخالص . وهذا الجمع مطرد ، أعني أن يجمع فعل اسم على أفعال ، والفعل منه على فعل بضم العين وكسرها ، قالوا : لببت . ولببت ومجيء المضاعف على فعل بضم العين شاذ ، استغنوا عنه بفعل نحو : عز يعز ، وخف يخف . فما جاء من ذلك شاذا : لببت ، وسررت ، وفللت ، ودممت ، وعززت . وقد سمع الفتح فيها إلا في : لببت ، فسمع الكسر كما ذكرنا . الجنف : الجور ، جنف ، بكسر النون ، يجنف ، فهو جنف وجانف عن النحاس ، قال الشاعر :
إني امرؤ منعت أرومة عامر ضيمي وقد جنفت علي خصوم
[ ص: 498 ] وقيل : الجنف : الميل ، ومنه قول
الأعشى :
تجانف عن حجر اليمامة ناقتي وما قصدت من أهلها لسوائكا
وقال آخر :
هم المولى وإن جنفوا علينا وإنا من لقائهم لزور
ويقال : أجنف الرجل ، جاء بالجنف ، كما يقال : ألام الرجل ، أتى بما يلام عليه ، وأخس : أتى بخسيس .