(
يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) تقدم الكلام في الإرادة في قول : (
ماذا أراد [ ص: 42 ] الله بهذا مثلا ) ، والإرادة هنا إما أن تبقى على بابها ، فتحتاج إلى حذف ، ولذلك قدره صاحب ( المنتخب ) : يريد الله أن يأمركم بما فيه يسر ، وإما أن يتجوز بها عن الطلب ، أي : يطلب الله منكم اليسر ، والطلب عندنا غير الإرادة ، وإنما احتيج إلى هذين التأويلين : لأن ما أراده الله كائن لا محالة ، على مذهب أهل السنة ، وعلى ظاهر الكلام لم يكن ليقع عسر ، وهو واقع ، وأما على مذهب
المعتزلة فتكون الآية على ظاهرها ، وأراد : يتعدى إلى الأجرام بالباء ، وإلى المصادر بنفسه كالآية . ويأتي أيضا متعديا إلى الأجرام بنفسه وإلى المصادر بالباء . قال :
أرادت عرارا بالهوان ومن يرد عرارا ، لعمري ! بالهوان فقد ظلم
قالوا : يريد هنا بمعنى أراد ، فهو مضارع أريد به الماضي ، والأولى أن يراد به الحالة الدائمة هنا : لأن المضارع هو الموضوع لما هو كائن لم ينقطع ، والإرادة صفة ذات لا صفة فعل ، فهي ثابتة له تعالى دائما ، وظاهر اليسر والعسر العموم في جميع الأحوال الدنيوية والأخروية .
وفي الحديث . "
دين الله يسر ، يسر ولا تعسر " .
nindex.php?page=hadith&LINKID=10373903وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ، وفي القرآن : (
وما جعل عليكم في الدين من حرج ) ، (
ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ) ، فيندرج في العموم في اليسر فطر المريض والمسافر اللذين ذكر حكمهما قبل هذه الآية ، ويندرج في العموم في العسر صومهما لما في حالتي المرض والسفر من المشقة والتعسير . وروي عن
علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
ومجاهد ،
والضحاك : أن اليسر الفطر في السفر ، والعسر الصوم فيه ، ويحمل تفسيرهم على التمثيل بفرد من أفراد العموم ، وناسب أن مثلوا بذلك : لأن الآية جاءت في سياق ما قبلها ، فدخل فيها ما قبلها دخولا لا يمكن أن يخرج منها ، وفي ( المنتخب ) : (
يريد الله بكم اليسر ) كاف عن قوله : (
ولا يريد بكم العسر ) ، وإنما كرر توكيدا ، انتهى . وقرأ
أبو جعفر ،
nindex.php?page=showalam&ids=17340ويحيى بن وثاب ،
وابن هرمز ،
وعيسى بن عمر : اليسر والعسر ، بضم السين فيهما ، والباقون بالإسكان .