(
ولتكبروا الله على ما هداكم ) معطوف على "
ولتكملوا العدة " ، والكلام في اللام كالكلام في لام "
ولتكملوا " ، ومعنى التكبير هنا تعظيم الله والثناء عليه ، فلا يختص ذلك بلفظ التكبير ، بل يعظم الله ويثنى عليه بما شاء من ألفاظ الثناء والتعظيم ، وقيل : هو التكبير عند رؤية الهلال في آخر رمضان . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال : حق على المسلمين إذا رأوا هلال شوال أن يكبروا ، وقيل : هو التكبير المسنون في العيد ، وقال
سفيان : هو التكبير يوم الفطر . واختلف في مدته وفي كيفيته ، فعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يكبر من رؤية الهلال إلى انقضاء الخطبة ويمسك وقت خروج الإمام ويكبر بتكبيره ، وقيل - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : من رؤية الهلال إلى خروج الإمام إلى الصلاة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ،
ومالك : من حين يخرج من منزله إلى أن يخرج الإمام وروى
ابن القاسم ،
وعلي بن زياد : إن خرج قبل طلوع الشمس فلا يكبر في طريقه ولا في جلوسه حتى تطلع الشمس ، وإن غدا بعد الطلوع فليكبر في طريقه إلى المصلى وإذا جلس حتى يخرج الإمام . واختلف عن
أحمد ، فنقل الأثر عنه أنه إذا جاء إلى المصلى يقطع : قال
أبو يعلى : يعني : وخرج الإمام ، ونقل
حنبل عنه أن يقطع بعد فراغ الإمام من الخطبة .
واختلفوا في الأضحى ، فقال
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وأحمد ،
وأبو يوسف ،
ومحمد : الفطر والأضحى سواء في ذلك ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ،
وأبو سلمة ،
وعروة ، وقال
أبو حنيفة : يكبر في الأضحى ولا يكبر في الفطر .
وكيفيته عند الجمهور : الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، ثلاثا ، وهو مروي عن
جابر ، وقيل : يكبر ويهلل ويسبح أثناء التكبير ، ومنهم من يقول : الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك يقول : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا . وقال
ابن المنذر : كان
مالك لا يجد فيه حدا ، وقال
ابن العربي : اختار علماؤنا التكبير المطلق وهو ظاهر الكتاب ، وقال
أحمد : كل واسع ، وحجج هذه الأقاويل في كتب الفقه . ورجح في ( المنتخب ) أن إكمال العدة هو في صوم رمضان ، وأن تكبير الله هو عند الانقضاء على ما هدى إلى هذه الطاعة ، وليس بمعنى التعظيم . قال : لأن تكبير الله بمعنى تعظيمه هو واجب في جميع الأوقات وفي كل الطاعات ، فلا معنى للتخصيص ، انتهى . و " على " ، تتعلق " بتكبروا " وفيها إشعار بالعلية ، كما تقول أشكرك على ما أسديت إلي .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وإنما عدى فعل التكبير بحرف الاستعلاء لكونه مضمنا معنى الحمد ، كأنه قيل : ولتكبروا الله حامدين على ما هداكم ، انتهى كلامه . وقوله كأنه قيل : ولتكبروا الله حامدين على ما هداكم ، هو تفسير معنى لا تفسير إعراب ، إذ لو كان تفسير إعراب لم تكن " على " متعلقا بتكبروا المضمنة معنى الحمد ، إنما كانت تكون متعلقة بحامدين التي قدرها ، والتقدير الإعرابي هو أن تقول : كأنه قيل ولتحمدوا الله بالتكبير على ما هداكم ، كما قدر الناس في قولهم : قتل الله زيادا أعني أي : صرف الله زيادا عني بالقتل ، وفي قول الشاعر :
ويركب يوم الروع فينا فوارس بصيرون في طعن الأباهر والكلى
أي : تحكمون بالبصيرة في طعن الأباهر ، والظاهر في " ما " أنها مصدرية أي : على هدايتكم ، وجوزوا أن تكون " ما " بمعنى الذي ، وفيه بعد : لأنه يحتاج إلى حذفين أحدهما : حذف العائد على " ما " أي : على الذي هداكموه ، وقدرناه منصوبا لا مجرورا بإلى ، ولا باللام ليكون حذفه أسهل من حذفه مجرورا . والثاني : حذف مضاف به يصح الكلام ، التقدير : على اتباع الذي هداكموه ، وما أشبه هذا التقدير مما يصح به
[ ص: 45 ] معنى الكلام . والظاهر أن معنى : هداكم ، حصول الهداية لكم من غير تقييد ، وقيل : المعنى ، هدايتكم لما ضل فيه النصارى من تبديل صيامهم ، وإذا كانت بمعنى " الذي " ، فالمعنى على ما أرشدكم إليه من شريعة الإسلام .
(
ولعلكم تشكرون ) ، هو ترج في حق البشر على نعمة الله في الهداية ، قاله
ابن عطية ، فيكون الشكر على الهداية ، وقيل : المعنى تشكرون على ما أنعم به من ثواب طاعاتكم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ومعنى (
ولعلكم تشكرون ) ، وإرادة أن تشكروا ، فتأول الترجي من الله على معنى الإرادة ، وجعل
ابن عطية الترجي من المخلوق ، إذ الترجي حقيقة يستحيل على الله ، فلذلك أوله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري بالإرادة ، وجعله
ابن عطية من البشر ، والقولان متكافيان ، وإذا كان التكليف شاقا ناسب أن يعقب بترجي التقوى ، وإذا كان تيسيرا ورخصة ناسب أن يعقب بترجي الشكر ، فلذلك ختمت هذه الآية بقوله : (
ولعلكم تشكرون ) : لأن قبله ترخيص للمريض والمسافر بالفطر ، وقوله : (
يريد الله بكم اليسر ) ، وجاء عقيب قوله : (
كتب عليكم الصيام ،
لعلكم تتقون ) ، وقبله (
ولكم في القصاص حياة ) ، ثم قال : (
لعلكم تتقون ) : لأن الصيام والقصاص من أشق التكاليف ، وكذا يجيء أسلوب القرآن فيما هو شاق ، وفيما فيه ترخيص أو ترقية ، فينبغي أن يلحظ ذلك حيث جاء فإنه من محاسن علم البيان .