(
فإن أحصرتم ) ظاهره ثبوت هذا الحكم للأمة ، وأنه يتحلل بالإحصار .
[ ص: 73 ] وروي عن
عائشة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس : أنه لا يتحلل من إحرامه إلا بأداء نسكه ، والمقام على إحرامه إلى زوال إحصاره . وليس لمحرم أن يتحلل بالإحصار بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن كان إحرامه بعمرة لم يفت ، وإن كان بحج ففاته قضاه بالفوات بعد إحلاله منه ، وتقدم الكلام في الإحصار .
وثبت بنقل من نقل من أهل اللغة أن الإحصار والحصر سواء ، وأنهما يقالان في المنع بالعدو ، وبالمرض ، وبغير ذلك من الموانع ، فتحمل الآية على ذلك ، ويكون سبب النزول ورد على أحد مطلقات الإحصار . وليس في الآية تقييد ، وبهذا قال
قتادة ،
والحسن ،
وعطاء ،
والنخعي ،
ومجاهد ،
وأبو حنيفة ، وقال
علقمة ،
وعروة : الآية نزلت فيمن أحصر بالمرض لا بالعدو ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
وابن الزبير ،
ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : لا يكون الإحصار إلا بالعدو فقط . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : والآية نزلت فيمن أحصر بالعدو لا بالمرض . وقال
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : ولو أحصر بمرض فلا يحله إلا البيت ، ويقيم حتى يفيق ، ولو أقام سنين .
وظاهر قوله : (
فإن أحصرتم ) استواء المكي والآفاقي في ذلك ، وقال
عروة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
وأبو حنيفة : ليس على أهل
مكة إحصار .
وظاهر لفظ "
أحصرتم " مطلق الإحصار ، وسواء علم بقاء العدو - استيطانه - لقوته وكثرته ، فيحل المحصر مكانه من ساعته على قول الجمهور ، أو رجي زواله ، وقيل : لا يباح له التحلل إلا بعد أن يبقى بينه وبين الحج مقدار ما يعلم أنه لو زال العدو لم يدرك الحج ، فيحل حينئذ ، وبه قال
ابن القاسم ،
nindex.php?page=showalam&ids=12873وابن الماجشون .
وقيل : من حصر عن الحج بعذر حتى يوم النحر ، فلا يقطع التلبية حتى يروح الناس إلى
عرفة ، ومطلق الإحصار يشمل قبل
عرفة وبعدها خلافا
لأبي حنيفة ، فإن من أحصر
بمكة ، أو بعد الوقوف فلا يكون محصرا ، وبناء الفعل للمفعول يدل على أن المحصر بمسلم أو كافر سواء .
(
فما استيسر من الهدي ) ، هو شاة ، قاله
علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير ،
وقتادة ،
وإبراهيم ،
والضحاك ،
ومغيرة . وقد سميت هديا في قوله : (
هديا بالغ الكعبة ) ، وقال
الحسن ،
وقتادة : أعلاه بدنة ، وأوسطه بقرة ، وأدناه شاة . وبه قال
مالك .
وأبو يوسف ،
وزفر ، يكون من الثلاثة ، يكون المستيسر على حكم حال المهدي ، وعلى حكم الموجود .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أنه على قدر الميسرة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
وعائشة ،
والقاسم ،
وعروة : هو جمل دون جمل ، وبقرة دون بقرة ، ولا يكون الهدي إلا من هذين ، ولا يكون الشاة من الهدي ، وبه قال
أبو حنيفة . قال
ابن شبرمة : من الإبل خاصة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي يهدى الذكور من الإبل والبقر . ولو عدم المحصر الهدي ، فهل له بدل ينتقل إليه ؟ قال
أبو حنيفة : تكون في ذمته أبدا ، ولا يحل حتى يجد هديا فيذبح عنه ، وقال
أحمد : له بدل ، والقولان عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، فعلى القول الأول : يقيم على إحرامه أو يتحلل ، قولان . وعلى الثاني : يقوم الهدي بالدراهم ، ويشترى بها الطعام ، والكل أنه لا بدل للهدي ، والظاهر أن العمرة كالحج في حكم الإحصار ، وبه قال أكثر الفقهاء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين لا إحصار في العمرة : لأنها غير مؤقتة .
والظاهر أنه لا يشترط سن في الهدي ، وقال
أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : لا يجزي إلا الثني فصاعدا ، وقال
مالك : لا يجزي من الإبل إلا الثني فصاعدا ، ويجوز اشتراك سبعة في بقرة أو بدنة ، وهو قول
أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي .
وقال
مالك : يجوز ذلك في التطوع لا في الواجب ، والظاهر وجوب (
فما استيسر من الهدي ) ، وقال
ابن القاسم : لا يهدي شيئا إلا إن كان معه هدي ، والجمهور على أنه يحل حيث أحصر وينجز هديه إن كان ثم هدي ، ويحلق رأسه .
وقال
قتادة ،
وإبراهيم : يبعث هديه إن أمكنه ، فإذا بلغ محله صار حلالا .
وقال
أبو حنيفة : إن كان حاجا فبالحرم متى شاء ، وقال
أبو يوسف ،
ومحمد في أيام النحر : وإن كان معتمرا فبالحرم في كل وقت عندهم جميعا ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=10373922ونحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هديه حيث أحصر ، وكان طرف
الحديبية الربى التي أسفل
مكة ، وهو من الحرم ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : أن رسول الله - صلى الله عليه
[ ص: 74 ] وسلم -
نحر هديه في الحرم . وقال الواقدي :
الحديبية هي طرف
الحرم على تسعة أميال من
مكة .
واختلفوا في الاشتراط في الحج إذا خاف أن يحصر بعدو أو مرض ، وصيغة الاشتراط أن يقول إذا أهل : لبيك اللهم لبيك ، ومحلي حيث حبستني . فذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ،
وأبو حنيفة ،
ومالك ، وأصحابهم ، إلى أنه لا ينفعه الاشتراط . وقال
أحمد ،
وإسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : في القديم لا بأس أن يشترط ، وله شروط ، وفيه حديث خرج في الصحيح : ولا قضاء عليه عند الجميع إلا من كان لم يحج ، فعليه حجة الإسلام ، وشذ
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون فقال : ليس عليه حجة الإسلام ، وقد قضاها حين أحصر .
و " ما " من قوله : (
فما استيسر ) موصولة ، وهي مبتدأ ، والخبر محذوف ، تقديره : فعليه ما استيسر ، قاله
الأخفش ، أو في موضع نصب : فليهد ، قاله
أحمد بن يحيى ، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : فالواجب له استيسر ، واستيسر هو بمعنى الفعل المجرد ، أي : يسر ، بمعنى : استغنى وغني ، واستصعب وصعب ، وهو أحد المعاني التي جاءت لها استفعل .
و " من " هنا تبعيضية ، وهي في موضع الحال من الضمير المستكن في استيسر العائد على " ما " ، فيتعلق بمحذوف ، التقدير : كائنا من الهدي ، ومن أجاز أن يكون " من " لبيان الجنس ، أجاز ذلك هنا . والألف واللام في " الهدي " للعموم .
وقرأ
مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
وابن هرمز ،
وأبو حيوة : " الهدي " بكسر الدال وتشديد الياء في الموضعين ، يعني هنا في الجر والرفع ، وروى ذلك
عصمة عن
عاصم .