(
وإلى الله ترجع الأمور ) ، قرأ
ابن عامر ،
وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : " ترجع " ، بفتح التاء وكسر الجيم في جميع القرآن ،
ويعقوب : بالتاء مفتوحة وكسر الجيم في جميع القرآن ، على أن " رجع " ، لازم ، وباقي السبعة : بالياء وفتح الجيم مبنيا للمفعول ، وخارجة عن
نافع : " يرجع " ، بالياء وفتح الجيم على أن رجع متعد . وكلا الاستعمالين له في لسان العرب ، ولغة قليلة في المتعدي . أرجع رباعيا ، فمن قرأ بالتاء فلتأنيث الجمع ، ومن قرأ بالياء فلكون التأنيث غير حقيقي . وصرح باسم الله ؛ لأنه أفخم وأعظم وأوضح ، وإن كان قد جرى ذكره في قوله : (
إلا أن يأتيهم الله ) : ولأنه في جملة مستأنفة ليست داخلة في المنتظر ، وإنما هي إعلام بأن الله إليه تصير الأمور كلها ، لا إلى غيره ، إذ هو المنفرد بالمجازاة ، ولرفع إيهام ما كان عليه ملوك الدنيا من دفع أمور الناس إليهم ، فأعلم أن هذا لا يكون لهم في الآخرة منها شيء ، بل ذلك إلى الله وحده ، أو لإعلام أنها رجعت إليه في الآخرة بعد أن كان ملكهم بعضها في الدنيا ، فصارت إليه كلها في الآخرة . وإذا كان الفعل مبنيا للمفعول فالفاعل المحذوف ، إما الله تعالى ، يرجعها إلى نفسه بإفناء الدنيا وإقامة القيامة ، أو ذوو الأمور ، لما كانت ذواتهم وصفاتهم شاهدة عليهم بأنهم مخلوقون محاسبون مجزيون ، كانوا رادين
[ ص: 126 ] أمورهم إلى خالقها ، قيل : أو يكون ذلك على مذهب العرب في قولهم فلان معجب بنفسه ، ويقول الرجل لغيره : إلى أين يذهب بك ؟ وإن لم يكن أحد يذهب به ، انتهى .
وملخصه أنه يبنى الفعل للمفعول ولا يكون ثم فاعل ، وهذا خطأ ، إذ لا بد للفعل من تصور فاعل ، ولا يلزم أن يكون الفاعل للذهاب أحدا ، ولا الفاعل للإعجاب ، بل الفاعل غيره ، فالذي أعجبه بنفسه هو رأيه ، واعتقاده بجمال نفسه ، فالمعنى أنه أعجبه رأيه ، وذهب به رأيه ، فكأنه قيل : أعجبه رأيه بنفسه ، وإلى أين يذهب بك رأيك أو عقلك ؟ ثم حذف الفاعل ، وبني الفعل للمفعول . قيل : وفي
قوله : ( وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور ) قسمان من أقسام علم البيان . أحدهما : الإيجاز في قوله : (
وقضي الأمر ) ، فإن في هاتين الكلمتين يندرج في ضمنها جميع أحوال العباد منذ خلقوا إلى يوم التناد ، ومن هذا اليوم إلى الفصل بين العباد . والثاني : الاختصاص بقوله : ( وإلى الله ) ، فاختص بذلك اليوم لانفراده فيه بالتصرف والحكم والملك ، انتهى .
وقال
السلمي : وقضي الأمر : وصلوا إلى ما قضي لهم في الأزل من إحدى المنزلتين . وقال
جعفر : كشف عن حقيقة الأمر ونهيه . وقال
القشيري : انهتك ستر الغيب عن صريح التقدير .