(
ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ) ، اللام لام العلة ، ويتعلق بأنزل ، والضمير في : ليحكم ، عائد على الله في قوله : فبعث الله ، وهو المضمر في : أنزل ، وهذا هو الظاهر ، والمعنى أنه تعالى أنزل الكتاب ليفصل به بين الناس ، وقيل : عائد على الكتاب ، أي : ليحكم الكتاب بين الناس ، ونسبة الحكم إليه مجاز ، كما أسند النطق إليه في قوله : (
هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق ) ، وكما قال :
ضربت عليك العنكبوت نسيجها وقضى عليك به الكتاب المنزل
ولأن الكتاب هو أصل الحكم ، فأسند إليه ردا للأصل ، وهذا قول الجمهور ، وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أن يكون الفاعل النبي ، قال : ليحكم الله أو الكتاب أو النبي المنزل عليه ، وإفراد الضمير يضعف ذلك ، على أن يحتمل ما قاله ، فيعود على أفراد الجمع ، أي : ليحكم كل نبي بكتابه ، ولا حاجة إلى هذا التكلف مع ظهور عود الضمير على الله تعالى ، ويبين عوده على الله تعالى قراءة
الجحدري فيما ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي : لنحكم ، بالنون ، وهو متعين عوده على الله تعالى ، ويكون ذلك التفاتا إذ خرج من ضمير الغائب في أنزل ، إلى ضمير المتكلم ، وظن
ابن عطية هذه القراءة تصحيفا ، قال ما معناه لأن
مكيا لم يحك عن
الجحدري قراءته التي نقل الناس عنه ، وهي : " ليحكم " ، على بناء الفعل للمفعول ، ونقل مكي لنحكم بالنون . وفي القراءة التي نقل الناس من قوله : " وليحكم " ، حذف الفاعل للعلم به ، والأولى أن يكون الله تعالى ، قالوا : ويحتمل أن يكون الكتاب أو النبيون . وهي : ظرف مكان ، وهو هنا مجاز ، وانتصابه بقوله : ليحكم ، وفيما : متعلق به أيضا ، وفيه : متعلق باختلفوا ، والهاء عائدة على ما الموصولة ، والمراد بها الدين والإسلام ، أي : ليحكم بين الناس في الدين الذي اختلفوا فيه بعد الاتفاق . قيل : ويحتمل أن يكون الذي اختلفوا فيه
محمد - صلى الله عليه وسلم - أو دينه ، أو هما ، أو كتابه .