(
ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ) ، الضمير في " يزالون " للكفار ، وهذا يدل على أن الضمير المرفوع في قوله " يسألونك " هو الكفار ، والضمير المنصوب في " يقاتلونكم " خوطب به المؤمنون ، وانتقل عن خطاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خطاب المؤمنين ، وهذا إخبار من الله للمؤمنين بفرط عداوة الكفار ، ومباينتهم لهم ، ودوام تلك العداوة ، وأن قتالهم إياكم معلق بإمكان ذلك منهم لكم ، وقدرتهم على ذلك . و " حتى يردوكم " يحتمل الغاية ، ويحتمل التعليل ، وعليهما حملها
[ ص: 150 ] أبو البقاء وهي متعلقة في الوجهين بـ " يقاتلونكم " ، وقال
ابن عطية " ويردوكم " نصب بحتى ؛ لأنها غاية مجردة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : و " حتى " معناها التعليل ، كقولك : فلان يعبد الله حتى يدخل الجنة ، أي : يقاتلونكم كي يردوكم . انتهى . وتخريج
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أمكن من حيث المعنى ؛ إذ يكون الفعل الصادر منهم المنافي للمؤمنين وهو " المقاتلة " ذكر لها علة توجبها ، فالزمان مستغرق للفعل ما دامت علة الفعل ، وذلك بخلاف الغاية ؛ فإنها تقييد في الفعل دون ذكر الحامل عليه ، فزمان وجوده مقيد بغايته ، وزمان وجود الفعل المعلل مقيد بوجود علة ، وفرق في القوة بين المقيد بالغاية والمقيد بالعلة ؛ لما في التقييد بالعلة من ذكر الحامل وعدم ذلك في التقييد بالغاية . و " عن دينكم " متعلق بـ " يردوكم " والدين هنا الإسلام ، و " إن استطاعوا " شرط جوابه محذوف يدل عليه ما قبله ، التقدير : إن استطاعوا فلا يزالون يقاتلونكم ، ومن جوز تقديم جواب الشرط ، قال " ولا يزالون " هو الجواب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : " إن استطاعوا " استبعاد لاستطاعتهم ، كقول الرجل لعدوه : إن ظفرت بي فلا تبق علي ، وهو واثق بأنه لا يظفر به . انتهى قوله ، ولا بأس به .