(
وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ) إذا : ظرف زمان ، ويغلب كونها شرطا ، وتقع للمفاجأة ظرف زمان وفاقا
للرياشي nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج ، لا ظرف مكان خلافا
للمبرد ، ولظاهر مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، ولا حرفا خلافا للكوفيين . وإذا كانت حرفا فهي لما تيقن أو رجح وجوده ، ويجزم بها في الشعر ، وأحكامها مستوفاة في علم النحو . الفعل الثلاثي الذي انقلب عين فعله ألفا في الماضي ، إذا بني للمفعول ، أخلص كسر أوله وسكنت عينه ياء في لغة
قريش ومجاوريهم من
بني كنانة ، وضم أولها عند كثير
[ ص: 61 ] من
قيس وعقيل ومن جاورهم وعامة
بني أسد . وبهذه اللغة قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي وهشام في : قيل ، وغيض ، وحيل ، وسيء ، وسيئت ، وجيء ، وسيق . وافقه
نافع وابن ذكوان في : سيء ، وسيئت . زاد
ابن ذكوان : حيل ، وساق . وباللغة الأولى قرأ باقي القراء ، وفي ذلك لغة ثالثة ، وهي إخلاص ضم فاء الكلمة وسكون عينه واوا ، ولم يقرأ بها ، وهي لغة
لهذيل ،
وبني دبير . والكلام على توجيه هذه اللغات وتكميل أحكامها مذكور في النحو . الفساد : التغير عن حالة الاعتدال والاستقامة . قال
سهيل في الفصيح : فسد ، ونقيضه : الصلاح ، وهو اعتدال الحال واستواؤه على الحالة الحسنة . الأرض مؤنثة ، وتجمع على أرض وأراض ، وبالواو والنون رفعا وبالياء والنون نصبا وجرا شذوذا ، فتفتح العين ، وبالألف والتاء ، قالوا : أرضات ، والأراضي جمع جمع كأواظب . إنما : ما : صلة لإن وتكفها عن العمل ، فإن وليتها جملة فعلية كانت مهيئة ، وفي ألفاظ المتأخرين من النحويين وبعض أهل الأصول أنها للحصر ، وكونها مركبة من ما النافية ، دخل عليها إن التي للإثبات فأفادت الحصر ، قول ركيك فاسد صادر عن غير عارف بالنحو ، والذي نذهب إليه أنها لا تدل على الحصر بالوضع ، كما أن الحصر لا يفهم من أخواتها التي كفت بما ، فلا فرق بين : لعل
زيدا قائم ، ولعل ما
زيد قائم ، فكذلك : إن
زيدا قائم ، وإنما
زيد قائم ، وإذا فهم حصر ، فإنما يفهم من سياق الكلام لا أن إنما دلت عليه ، وبهذا الذي قررناه يزول الإشكال الذي أوردوه في نحو قوله تعالى : (
إنما أنت منذر ) ، (
قل إنما أنا بشر ) ، (
إنما أنت منذر من يخشاها ) . وإعمال إنما قد زعم بعضهم أنه مسموع من لسان العرب ، والذي عليه أصحابنا أنه غير مسموع .
نحن : ضمير رفع منفصل لمتكلم معه غيره أو لمعظم نفسه ، وفي اعتلال بنائه على الضم أقوال تذكر في النحو . ألا : حرف تنبيه زعموا أنه مركب من همزة الاستفهام ولا النافية للدلالة على تحقق ما بعدها ، والاستفهام إذا دخل على النفي أفاد تحقيقا ، كقوله تعالى : (
أليس ذلك بقادر ) ، ولكونها من المنصب في هذه لا تكاد تقع الجملة بعدها إلا مصدرة بنحو ما يتلقى به القسم ، وقال ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري . والذي نختاره أن ألا التنبيهية حرف بسيط ; لأن دعوى التركيب على خلاف الأصل ، ولأن ما زعموا من أن همزة الاستفهام دخلت على لا النافية دلالة على تحقق ما بعدها ، إلى آخره خطأ ، لأن مواقع ألا تدل على أن لا ليست للنفي ، فيتم ما ادعوه ، ألا ترى أنك تقول : ألا إن
زيدا منطلق ، ليس أصله لا أن
زيدا منطلق ، إذ ليس من تراكيب العرب بخلاف ما نظر به من قوله تعالى : (
أليس ذلك بقادر ) ، لصحة تركيب ليس
زيد بقادر ، ولوجودها قبل رب وقبل ليت وقبل النداء وغيرها مما لا يعقل فيه أن لا نافية ، فتكون الهمزة للاستفهام دخلت على لا النافية فأفادت التحقيق ، قال
امرؤ القيس :
ألا رب يوم لك منهن صالح ولا سيما يوم بدارة جلجل
وقال الآخر :
ألا ليت شعري كيف حادث وصلها وكيف تراعي وصلة المتغيب
وقال الآخر :
ألا يا لقومي للخيال المشوق وللدار تنأى بالحبيب ونلتقي
وقال الآخر :
ألا يا قيس والضحاك سيرا فقد جاوزتما خمر الطريق
إلى غير هذا مما لا يصلح دخول لا فيه . وأما قوله : لا تكاد تقع الجملة بعدها إلا مصدرة بنحو ما يلتقي به القسم فغير صحيح ، ألا ترى أن الجملة بعدها تستفتح برب ، وبليت ، وبفعل الأمر ، وبالنداء ، وبحبذا ، في قوله :
[ ص: 62 ] ألا حبذا هند وأرض بها هند
ولا يلتقي بشيء من هذا القسم ، وعلامة ألا هذه التي هي تنبيه واستفتاح صحة الكلام دونها ، وتكون أيضا حرف عرض فيليها الفعل ، وإن وليها الاسم فعلى إضمار الفعل ، وحرف جواب بقول القائل : ألم تقم فتقول : ألا بمعنى بلى ؟ نقل ذلك صاحب كتاب ( وصف المباني في حروف المعاني ) قال : وهو قليل شاذ ، وأما ألا التي للتمني في قولهم : ألا ماء ، فذكرها النحاة في فصل لا الداخل عليها الهمزة . لكن : حرف استدراك ، فلا يجوز أن يكون ما قبلها موافقا لما بعدها ، فإن كان نقيضا أو ضدا جاز ، أو خلافا ففي الجواز خلاف ، وفي التصحيح خلاف . وحكى
أبو القاسم بن الرمال جواز إعمالها مخففة عن
يونس ، وحكى ذلك غيره عن
الأخفش ، وحكي عن
يونس أنها ليست من حروف العطف ، ولم تقع في القرآن غالبا إلا وواو العطف قبلها ، ومما جاءت فيه من غير واو قوله تعالى : (
لكن الذين اتقوا ربهم ) (
لكن الله يشهد ) ، وفي كلام العرب :
إن ابن ورقاء لا تخشى غوائله لكن وقائعه في الحرب تنتظر
وبقية أحكام لكن مذكورة في النحو . الكاف : حرف تشبيه تعمل الجر واسميتها مختصة عندنا بالشعر ، وتكون زائدة وموافقة لعلى ، ومن ذلك قولهم : كخير في جواب من قال كيف أصبحت ، ويحدث فيها معنى التعليل ، وأحكامها مذكورة في النحو .
السفه : الخفة . ومنه قيل للثوب الخفيف النسج سفيه ، وفي الناس خفة الحلم ، قاله
ابن كيسان ، أو البهت والكذب والتعمد خلاف ما يعلم ، قاله
مؤرج ، أو الظلم والجهل ، قاله
قطرب . والسفهاء جمع سفيه ، وهو جمع مطرد في فعيل الصحيح الوصف المذكر العاقل الذي بينه وبين مؤنثه التاء ، والفعل منه سفه بكسر العين وضمها ، وهو القياس لأجل اسم الفاعل . قالوا : ونقيض السفه : الرشد ، وقيل : الحكمة ، يقال رجل حكيم ، وفي ضده سفيه ، ونظير السفه النزق والطيش .