(
لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ) ، مناسبة هذه الآية لما قبلها ظاهرة ؛ لأنه تعالى لما نهى عن جعل الله معرضا للأيمان ، كان ذلك حتما لترك الأيمان ، وهم يشق عليهم ذلك ؛ لأن العادة جرت لهم بالأيمان ، فذكر أن ما كان منها لغوا فهو لا يؤاخذ به ؛ لأنه مما لا يقصد به حقيقة اليمين ، وإنما هو شيء يجري على اللسان عند المحاورة من غير قصد ، وهذا أحسن ما يفسر به اللغو ؛ لأنه تعالى جعل مقابلة ما كسبه القلب وهو ما له فيه اعتماد وقصد . واختلفت أقوال المفسرين في تفسير لغو اليمين ، فقال أبو هريرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
والحسن ،
وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير ،
ومجاهد ،
وقتادة ،
ومقاتل ،
والسدي عن أشياخه ،
ومالك في أشهر قوليه ،
وأبو حنيفة : هو الحلف على غلبة الظن ، فيكشف الغيب خلاف ذلك . وقالت
عائشة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس أيضا ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
ومجاهد ،
وأبو صالح ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : هو ما يجري على اللسان في درج الكلام والاستعجال : لا والله ، وبلى والله ، من غير قصد لليمين ، وهو أحد قولي
مالك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب ،
nindex.php?page=showalam&ids=11947وأبو بكر بن عبد الرحمن ، وابنا الزبير ؛
عبد الله وعروة : هو الحلف على فعل المعصية . إلا أن
ابن جبير قال : لا يفعل ويكفر ، وباقيهم قالوا : لا يفعل ولا كفارة عليه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا ،
وعلي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس : هو الحلف في حال الغضب . وقال
النخعي : هو الحلف على شيء ينساه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا ،
والضحاك : هو ما تجب فيه الكفارة إذا كفرت سقطت ، ولا يؤاخذ الله بتكفيرها ، والرجوع إلى الذي هو خير . وقال
مكحول ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير أيضا ، وجماعة : هو أن يحرم على نفسه ما أحل الله ، كقوله : مالي علي حرام إن فعلت كذا ، والحلال علي حرام ، وقال بهذا القول
مالك إلا في الزوجة ، فألزم فيها التحريم إلا أن يخرجها الحالف بقلبه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم وابنه : هو دعاء الرجل على نفسه : أعمى الله بصره ، أذهب الله ماله ، هو يهودي ، هو مشرك ، هو لغية ؛ إن فعل كذا . وقال
مجاهد : هو حلف المتبايعين ، يقول أحدهما : والله لا أبيعك بكذا ، ويقول الآخر : والله ما أشتريه إلا بكذا . وقال
مسروق : هو ما لا يلزمه الوقاية . وروي عنه ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : أنه الحلف على المعصية . وقيل : هو يمين المكره ، حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر . وهذه الأقوال يحتملها لفظ اللغو ، إلا أن الأظهر هو ما فسرناه أولا ؛ لأنه قابله كسب القلب ، وهو تعمده للشيء ، فجميع الأقوال غيره ينطبق عليها أنها كسب القلب ؛ لأن للقلب قصدا إليها ، ونفي الوحدة يدل على أنه لا إثم ولا كفارة ؛ فيضعف قول من قال : إنها تختص بالإثم ، ويفسر اللغو باليمين المكفرة ، وسئل
الحسن عن اللغو ، والمسبية ذات الزوج ، فوثب
nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق وقال : أما سمعت ما قلت :
ولست بمأخوذ بشيء تقوله إذا لم تعمد عاقدات العزائم
وما قلت :
وذات حليل أنكحتنا رماحنا حلالا ولولا سبيها لم تطلق
[ ص: 180 ] فقال
الحسن : ما أذكاك لولا حنثك . باللغو : متعلق بـ ( يؤاخذكم ) ، والباء سببية ، مثلها في : (
ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ) ، (
فكلا أخذنا بذنبه ) ، وفي إيمانكم : متعلق بالفعل ، أو بالمصدر ، أو بمحذوف ، أي : كائنا في أيمانكم ؛ فيكون حالا ، ويقر به أنك لو جعلته في صلة ( الذي ) ووصفت به اللغو لاستقام .