صفحة جزء
( فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ) أي : من أعرض عن الإيمان بهذا الرسول ، وعن نصرته بعد أخذ الميثاق والإقرار والتزام العهد ، قاله علي بن أبي طالب وغيره . وقال ابن عطية : ويحتمل أن يريد بعد الشهادة عند الأمم بهذا الميثاق ، على أن قوله تعالى : فاشهدوا ، أمر بالأداء . ومن الظاهر أنها شرط ، والجملة من : فأولئك ، وما بعده جزاء ، ويحتمل أن تكون موصولة ، وأعاد الضمير في : تولى ، مفردا على لفظ : من ، وجمع في : فأولئك ، حملا على المعنى ، وهذه الجملة تدل على أن الذين أخذ منهم الميثاق هم أتباع الأنبياء ; لأنه حكم تعالى بالفسق على من تولى بعد ذلك ، وهذا الحكم لا يليق إلا بأمم الأنبياء ، وأيضا فالأنبياء عليهم السلام ، كانوا أمواتا عند مبعثه ، يعلمنا أن المأخوذ عليهم الميثاق هم أممهم . وذكروا في هذه الآية أنواعا من الفصاحة . منها : الطباق في بقنطار ، وبدينار ، إذ أريد بهما القليل والكثير ، وفي : يؤده ولا يؤده ; لأن الأداء معناه الدفع ، وعدمه معناه المنع ، وهما ضدان ، وفي قوله : بالكفر ، ومسلمون ، والتجنيس المغاير في : اتقى ، والمتقين ، وفي : فاشهدوا ، والشاهدين ، والتجنيس المماثل في : ولا يأمركم ، أيأمركم ، وفي : أأقررتم ، وأقررنا . والإشارة في قوله : ذلك بأنهم ، وفي : أولئك لا خلاق لهم . والسؤال والجواب ، وهو في : قال أأقررتم ؟ ثم : قالوا أقررنا . والاختصاص في : يحب المتقين ، وفي يوم القيامة ، اختصه بالذكر ; لأنه اليوم الذي تظهر فيه مجازاة الأعمال . والتكرار في : يؤده ، ولا يؤده ، وفي اسم الله في مواضع ، وفي : من الكتاب ، وما هو من الكتاب . والاستعارة في : يشترون بعهد الله . والالتفات في : لما آتيتكم ، وهو خطاب بعد قوله : النبيين ، وهو لفظ غائب . والحذف في عدة مواضع تقدمت .

التالي السابق


الخدمات العلمية