(
وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ) قرأ
ابن عامر ونافع : " سارعوا " بغير واو على الاستئناف ، والباقون بالواو على العطف . لما أمروا بتقوى النار أمروا بالمبادرة إلى أسباب المغفرة والجنة . وأمال
nindex.php?page=showalam&ids=14303الدوري في قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي "
وسارعوا " لكسرة الراء . وقرأ
أبي وعبد الله : " وسابقوا " . والمسارعة : مفاعلة . إذ الناس كل واحد منهم ليصل قبل غيره ، فبينهم في ذلك مفاعلة . ألا ترى إلى قوله : (
فاستبقوا الخيرات ) والمسارعة إلى سبب المغفرة وهو الإخلاص ، قاله
عثمان . أو أداء الفرائض ، قاله
علي . أو الإسلام ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . أو التكبيرة الأولى من الصلاة مع الإمام ، قاله
أنس ومكحول . أو الطاعة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير . أو التوبة ، قاله
عكرمة . أو الهجرة ، قاله
أبو العالية . أو الجهاد ، قاله
الضحاك . أو الصلوات الخمس ، قاله يمان . أو الأعمال الصالحة ، قاله مقاتل . وينبغي أن تحمل هذه الأقوال على التمثيل لا على التعيين والحصر .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ومعنى المسارعة إلى المغفرة والجنة الإقبال على ما يستحقان به . انتهى . وفي ذكر الاستحقاق دسيسة الاعتزال ، وتقدم ذكر المغفرة على الجنة ؛ لأنها السبب الموصل إلى الجنة ، وحذف المضاف من السماوات ، أي عرض السماوات ، بعد حذف أداة التشبيه أي : كعرض . وبعد هذا التقدير اختلفوا ، هل هو تشبيه حقيقي ، أو ذهب به مذهب السعة العظيمة ؟ لما كانت الجنة من الاتساع والانفساح في الغاية القصوى ؛ إذ السماوات والأرض أوسع ما علمه الناس من مخلوقاته وأبسطه ، وخص العرض ؛ لأنه في العادة أدنى من الطول للمبالغة ، فعلى هذا لا يراد عرض ولا طول حقيقة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج . وتقول العرب : بلاد عريضة ، أي واسعة . وقال الشاعر :
كأن بلاد الله وهي عريضة على الخائف المطلوب كفة حابل
والقول الأول عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير والجمهور : تقرن السماوات والأرض بعضها إلى بعض كما تبسط الثياب ، فذلك عرض الجنة ، ولا يعلم طولها إلا الله . انتهى ولا ينكر هذا ؛ فقد ورد في الحديث في وصف الجنة وسعتها ما يشهد لذلك . وأورد
ابن عطية من ذلك أشياء في كتابه . والجنة على هذا القول أكبر من السماوات ، وهي ممتدة في الطول حيث شاء الله . وخص العرض بالذكر لدلالته على الطول ، والطول إذا ذكر لا يدل على سعة العرض ، إذ قد يكون العرض يسيرا كعرض الخيط .
وقال قوم : معناه كعرض السماوات والأرض طباقا ، لا بأن تقرن كبسط الثياب . فالجنة في السماء وعرضها كعرضها ، وعرض ما وازاها من الأرضين إلى السابعة ، وهذه دلالة على العظم . وأغنى ذكر العرض عن ذكر الطول . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك : الجنة في السماء ، ويزاد فيها يوم القيامة ، وتقدم الكلام في الجنة أخلقت ؟ وهو ظاهر القرآن ، ونص الآثار الصحيحة النبوية أم لم تخلق
[ ص: 58 ] بعد ؟ وهو قول
المعتزلة ، ووافقهم من أهل بلادنا القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=17150منذر بن سعيد . وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك : إنه يزاد فيها ، فيحتاج إلى صحة نقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقال
الكلبي : الجنان أربع : جنة عدن ، وجنة المأوى ، وجنة الفردوس ، وجنة النعيم . كل جنة منها كعرض السماء والأرض ، لو وصل بعضها ببعض ما علم طولها إلا الله . وقال
ابن بحر : هو من عرض المتاع على البيع ، لا العرض المقابل للطول . أي لو عورضت بها لساواها نصيب كل واحد منكم ، وجاء إعدادها للمتقين ، فخصوا بالذكر تشريفا لهم ، وإعلاما بأنهم الأصل في ذلك ، وغيرهم تبع لهم في إعدادها . وإن أريد بالمتقين متقو الشرك كان عاما في كل مسلم طائع أو عاص .