(
فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة ) : قرأ
الجحدري : "
فأثابهم " من الإثابة . ولما تقدم في دعائهم ما يتضمن الإجابة فيه الثوابين وهو قولهم : اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا ، فهذا يتضمن ثواب الآخرة ، وثبت أقدامنا وانصرنا يتضمن ثواب الدنيا ، أخبر تعالى أنه منحهم الثوابين ، وهناك بدأوا في الطلب بالأهم عندهم ، وهو ما ينشأ عنه ثواب الآخرة ، وهنا أخبر بما أعطاهم مقدما . ذكر ثواب الدنيا ليكون ذلك إشعارا لهم بقبول دعائهم وإجابتهم إلى طلبهم ؛ ولأن ذلك في الزمان متقدم على ثواب الآخرة . قال
قتادة وابن إسحاق وغيرهما : ثواب الدنيا هو الظهور على عدوهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : هو الظفر والغنيمة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ثواب الدنيا من النصرة والغنيمة والعز وطيب الذكر . وقال
النقاش : ليس إلا الظفر والغلبة ؛ لأن الغنيمة لم تحل إلا لهذه الأمة . وهذا صحيح ثبت في الحديث الصحيح : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374126وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي " وهي إحدى الخمس الذي أوتيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يؤتها أحد قبله . وحسن ثواب الآخرة الجنة بلا خلاف . قاله
ابن عطية . وقيل : الأجر والمغفرة . وخص ثواب الآخرة بالحسن دلالة على فضله وتقدمه ، وأنه هو المعتد به عنده (
تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة ) وترغيبا في طلب ما يحصله من العمل الصالح ، ومناسبة لآخر الآية . قال
علي : من عمل لدنياه أضر بآخرته ، ومن عمل لآخرته أضر بدنياه ، وقد يجمعهما الله تعالى لأقوام .
(
والله يحب المحسنين ) : قد فسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإحسان حين سئل عن حقيقته في حديث سؤال
جبريل : أن تعبد الله كأنك تراه . وفسره المفسرون هنا بأحد قولين ، وهو من أحسن ما بينه وبين ربه في لزوم طاعته ، أو من ثبت في القتال مع نبيه حتى يقتل أو يغلب .