صفحة جزء
( يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين ) : الخطاب عام يتناول أهل أحد وغيرهم . وما زال الكفار مثابرين على رجوع المؤمنين عن دينهم ، " ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء " . " وودوا لو تكفرون " ، " لن تنفعكم " ( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا ) . ( ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم ) وقيل : الخطاب خاص بمن كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المؤمنين يوم أحد . فعلى الأول علق على مطلق طاعتهم الرد على العقب والانقلاب بالخسران ، وهذا غاية في التحرز منهم والمجانبة لهم ، فلا يطاعون في شيء ولا يشاورون ؛ لأن ذلك يستجر إلى موافقتهم ، ويكون الذين كفروا عاما ، وعلى القول الثاني يكون الذين كفروا خاصا . فقال علي وابن عباس : هم المنافقون ، قالوا للمؤمنين لما رجعوا من أحد : لو كان نبيا ما أصابه الذي أصابه ، فارجعوا إلى إخوانكم . وقال ابن جريج : هم اليهود والنصارى ، وقاله الحسن وعنه : إن تستنصحوا اليهود والنصارى وتقبلوا منهم ؛ لأنهم كانوا يستغوونهم ، ويوقعون لهم الشبه ، ويقولون : لو كان لكم نبيا حقا لما غلب ، ولما أصابه وأصحابه ما أصابهم ، وإنما هو رجل حاله كحال غيره من الناس ، يوما له ويوما عليه .

وقال السدي : هم أبو سفيان وأصحابه من عباد الأوثان . وقال الحسن أيضا : هو كعب وأصحابه . وقال أبو بكر الرازي : فيها دلالة على النهي عن طاعة الكفار مطلقا ، لكن أجمع المسلمون على أنه لا يندرج تحته من وثقنا بنصحه منهم ، كالجاسوس ، والخريت الذي يهدي إلى الطريق ، وصاحب الرأي ذي المصلحة الظاهرة ، والزوجة تشير بصواب . والردة هنا على العقب كناية عن الرجوع إلى الكفر . وخاسرين : أي مغبونين ببيعكم الآخرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية