(
وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم ) لما مات
nindex.php?page=showalam&ids=888أصحمة النجاشي ملك الحبشة . ومعنى أصحمة بالعربية عطية ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة وغيره : ( صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فقال قائل : يصلى عليه العلج النصراني وهو في أرضه ، فنزلت ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، و
أنس . وقال
الحسن والسدي : في
nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي وأصحابه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فيما روى عنه
أبو صالح : في مؤمني أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، وبه قال
مجاهد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج وابن زيد ومقاتل : في
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام وأصحابه . وقال
عطاء : في أربعين من نجران ، واثنين وثلاثين من الحبشة ، وثمانية من الروم ، كانوا على دين
عيسى فآمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، و ( من ) في ( لمن ) الظاهر أنها موصولة ، وأجيز أن تكون نكرة موصوفة ، أي : لقوما . والذي أنزل إلينا هو القرآن ، والذي أنزل إليهم هو كتابهم .
(
خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا ) كما اشترت بها أحبارهم الذين لم يؤمنوا . وانتصاب (
خاشعين ) على الحال من الضمير في ( يؤمن ) ، وكذلك (
لا يشترون ) هو في موضع نصب على الحال . وقيل : حال من الضمير في ( إليهم ) ، والعامل فيها ( أنزل ) . وقيل : حال من الضمير في (
لا يشترون ) ، وهما قولان ضعيفان . ومن جعل ( من ) نكرة موصوفة ، يجوز أن يكون (
خاشعين ) و (
لا يشترون ) صفتين للنكرة . وجمع (
خاشعين ) على معنى ( من ) كما جمع في (
وما أنزل إليهم ) . وحمل أولا على اللفظ في قوله : ( يؤمن ) ، فأفرد ، وإذا اجتمع الحملان ، فالأولى أن يبدأ بالحمل على اللفظ . وأتى في الآية بلفظ ( يؤمن ) دون آمن ، وإن كان إيمان من نزل فيهم قد وقع إشارة إلى الديمومة والاستمرار . ووصفهم بالخشوع وهو التذلل والخضوع المنافي للتعاظم والاستكبار ، كما قال تعالى : (
وأنهم لا يستكبرون ) .
(
أولئك لهم أجرهم عند ربهم ) أي ثواب إيمانهم ، وهذا الأجر مضاعف مرتين بنص الحديث الصحيح : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374153وأن من آمن من أهل الكتاب يؤتى أجره مرتين ) يضاعف لهم الثواب بما تضاعف منهم من الأسباب . و ( عند ) ظرف في موضع الحال ، والعامل فيه العامل في ( لهم ) ، ومعنى (
عند ربهم ) : أي في الجنة .
(
إن الله سريع الحساب ) أي سريع الإتيان بيوم القيامة وهو يوم الحساب . والمعنى : أن أجرهم قريب إتيانه أو سريع حسابه لنفوذ علمه ، فهو عالم بما لكل عامل من الأجر . وتقدم تفسير هذه الجملة مستوفى .
(
يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ) ختم الله تعالى هذه السورة بهذه الوصاية التي جمعت الظهور في الدنيا على العدو ، والفوز بنعيم الآخرة ، فأمره تعالى بالصبر والمصابرة والرباط . فقيل : اصبروا وصابروا بمعنى واحد
[ ص: 149 ] للتأكيد . وقال
الحسن ،
والسدي ،
والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج : اصبروا على طاعة الله في تكاليفه ، وصابروا أعداء الله في الجهاد ، ورابطوا في الثغور في سبيل الله . أي : ارتبطوا الخيل كما يرتبطها أعداؤكم . وقال
أبي nindex.php?page=showalam&ids=14980ومحمد بن كعب القرظي : هي مصابرة وعد الله بالنصر ، أي : لا تسأموا وانتظروا الفرج . وقيل : رابطوا : استعدوا للجهاد كما قال : (
وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12031أبو سلمة بن عبد الرحمن : الرباط انتظار الصلاة بعد الصلاة ، ولم يكن في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم غزو مرابط فيه . واحتج بقوله عليه السلام : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374154ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات : إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرباط ، ثلاثا ) فعلى هذا لا يكون ( رابطوا ) من باب المفاعلة . قال
ابن عطية : والقول الصحيح هو أن الرباط هو الملازمة في سبيل الله ، أصلها من ربط الخيل ، ثم سمي كل ملازم لثغر من ثغور الإسلام مرابطا ، فارسا كان أو راجلا ، واللقطة مأخوذة من الربط . وقول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374155فذلكم الرباط إنما هو تشبيه بالرباط في سبيل الله ، إذ
انتظار الصلاة إنما هو سبيل من السبل المنجية ، والرباط اللغوي هو الأول . والمرابط في سبيل الله عند الفقهاء هو الذي يشخص إلى ثغر من الثغور ليرابط فيه مدة ما ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12927ابن المواز ، ورواه . فأما سكان الثغور دائما بأهليهم الذين يعتمرون ويكتسبون هناك فهم وإن كانوا حماة ، ليسوا بمرابطين . انتهى كلامه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وصابروا أعداء الله في الجهاد أي غالبوهم في الصبر على شدائد الحرب ، لا تكونوا أقل صبرا منهم وثباتا . والمصابرة باب من الصبر ، ذكر بعد الصبر على ما يجب الصبر عليه تحقيقا لشدته وصعوبته . ورابطوا : وأقيموا في الثغور رابطين خيلكم فيها مترصدين مستعدين للغزو . قال الله تعالى : (
ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) وعن النبي صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374156من رابط يوما وليلة في سبيل الله كان كعدل صيام شهر وقيامه لا يفطر ولا ينفتل عن صلاته إلا لحاجة ) انتهى كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري . وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374157رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها ) وفي
مسلم : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374158رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه ، وإن مات جرى عليه رزقه وأمن الفتان ) وفي سنن
أبي داود قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374159كل الميت يختم على عمله إلا المرابط فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتاني القبر ) .
وتضمنت هذه الآيات من ضروب البيان والبديع : الاستعارة : عبر بأخذ الميثاق عن التزامهم أحكام ما أنزل عليهم من التوراة والإنجيل ، وبالنبذ وراء ظهورهم عن ترك عملهم بمقتضى تلك الأحكام ، وباشتراء ثمن قليل عن ما تعوضوه من الحطام على كتم آيات الله ، وبسماع المنادي إن كان القرآن عن ما تلقوه من الأمر والنهي والوعد والوعيد بالاستجابة عن قبول مسألتهم ، وبانتفاء التضييع عن عدم مجازاته على يسير أعمالهم ، وبالتقلب عن ضربهم في الأرض لطلب المكاسب ، وبالمهاد عن المكان المستقر فيه ، وبالنزول عما يعجل الله لهم في الجنة من الكرامة ، وبالخشوع الذي هو تهدم المكان وتغير معالمه عن خضوعهم وتذللهم بين يديه ، وبالسرعة التي هي حقيقة في المشي عن تعجيل كرامته . قيل : ويحتمل أن يكون الحساب استعير للجزاء ، كما استعير (
ولم أدر ما حسابيه ) ؛ لأن الكفار لا يقام لهم حساب كما قال تعالى :
فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا . والطباق في :
لتبيننه للناس ولا تكتمونه ، وفي (
السماوات والأرض ) ، و (
اختلاف الليل والنهار ) ، فالسماء جهة العلو ، والأرض جهة السفل ، والليل عبارة عن الظلمة ، والنهار عبارة عن النور ، وفي :
قياما وقعودا و
من ذكر أو أنثى . والتكرار في :
لا تحسبن فلا تحسبنهم ، وفي : ( ربنا ) في خمسة مواضع ، وفي :
فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا ، إن كان المعنى
[ ص: 150 ] واحدا ، وفي :
ما أنزل إليكم وما أنزل إليهم ، وفي :
ثوابا و
حسن الثواب . والاختصاص في :
لأولي الألباب ، وفي :
وما للظالمين من أنصار ، وفي :
وتوفنا مع الأبرار ، وفي :
ولا تخزنا يوم القيامة ، وفي :
وما عند الله خير للأبرار . والتجنيس المماثل في :
أن آمنوا بربكم فآمنا ، وفي :
عمل عامل منكم . والمغاير في :
مناديا ينادي . والإشارة في :
ما خلقت هذا باطلا ، والحذف في مواضع .