(
وربائبكم اللاتي في حجوركم ) ظاهره أنه يشترط في تحريمها أن تكون في حجره ، وإلى هذا ذهب
علي ، وبه أخذ
داود وأهل الظاهر . فلو لم تكن في حجره وفارق أمها بعد الدخول جاز له أن يتزوجها . قالوا : حرم الله الربيبة بشرطين : أحدهما : أن تكون في حجر الزوج . الثاني : الدخول بالأم . فإذا فقد أحد الشرطين لم يوجد التحريم . واحتجوا بقوله : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374185لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي ، إنها ابنة أخي من الرضاعة ) فشرط الحجر . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي وغيره : إضافتهن إلى الحجور حملا على أغلب ما يكون الربائب ، وهي محرمة وإن لم تكن في الحجر . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : ما فائدة قوله : في حجوركم ؟ قلت : فائدته التعليل
[ ص: 212 ] للتحريم ، وأنهن لاحتضانكم لهن ، أو لكونهن بصدد احتضانكم . وفي حكم التقلب في حجوركم إذا دخلتم بأمهاتهن ، وتمكن حكم الزواج بدخولكم جرت أولادهن مجرى أولادكم ، كأنكم في العقد على بناتهن عاقدون على بناتكم . انتهى . وفيه بعض اختصار .
(
من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ) ظاهر هذا أنه متعلق بقوله : وربائبكم فقط . واللاتي : صفة ل ( نسائكم ) المجرور بـ ( من ) ، ولا جائز أن يكون ( اللاتي ) وصفا ل ( نسائكم ) من قوله :
وأمهات نسائكم ، و ( نسائكم ) المجرور بـ ( من ) ، لأن العامل في المنعوتين قد اختلف : هذا مجرور بمن ، وذاك مجرور بالإضافة . ولا جائز أن يكون (
من نسائكم ) متعلقا بمحذوف ينتظم أمهات نسائكم وربائبكم ، لاختلاف مدلول حرف الجر إذ ذاك ، لأنه بالنسبة إلى قوله : وأمهات نسائكم يكون من نسائكم لبيان النساء ، وتمييز المدخول بها من غير المدخول بهن . وبالنسبة إلى قوله :
وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ، يكون (
من نسائكم ) لبيان ابتداء الغاية ؛ كما تقول : هذا ابني من فلانة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : إلا أن أعلقه بالنساء والربائب ، وأجعل ( من ) للاتصال كقوله تعالى : (
المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض )
فإني لست منك ولست مني ما أنا من دد ولا الدد مني
وأمهات النساء متصلات بالنساء ، لأنهن أمهاتهن . كما أن الربائب متصلات بأمهاتهن ، لأنهن بناتهن . انتهى . ولا نعلم أحدا ذهب إلى أن من معاني ( من ) الاتصال . وأما ما شبه به من الآية والشعر والحديث ، فمتأول : وإذا جعلنا (
من نسائكم ) متعلقا بالنساء والربائب كما زعم
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري . فلا بد من صلاحيته لكل من النساء والربائب . فأما تركيبه مع الربائب ففي غاية الفصاحة والحسن ، وهو نظم الآية . وأما تركيبه مع قوله : وأمهات نسائكم ، فإنه يصير : وأمهات نسائكم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ، فهذا تركيب لا يمكن أن يقع في القرآن ، ولا في كلام فصيح ، لعدم الاحتياج في إفادة هذا المعنى إلى قوله : من نسائكم . والدخول هنا كناية عن الجماع لقولهم : بنى عليها ، وضرب عليها الحجاب .
والباء للتعدية ، والمعنى : اللاتي أدخلتموهن الستر ، قاله :
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، و
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ،
وابن دينار . فلو طلقها بعد البناء وقبل الجماع ، جاز أن يتزوج ابنتها . وقال
عطاء ، و
مالك ،
وأبو حنيفة ، و
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، و
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، و
الليث : إذا مسها بشهوة حرمت عليه أمها وابنتها ، وحرمت على الأب والابن ، وهو أحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . واختلفوا في
النظر إليها بشهوة ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى : لا يحرم النظر حتى تلمس ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وقال
مالك : يحرم النظر إلى شعرها ، أو شيء من محاسنها بلذة . وقال
الكوفيون : يحرم النظر إلى فرجها بشهوة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : يحرم إذا كان تعمد النظر إلى فرجها ، ولم يذكر الشهوة . وقال
عطاء ، و
nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان : إذا نظر إلى فرج امرأة فلا ينكح أمها ولا ابنتها ، وعدوا هذا الحكم إلى الإماء . وقال
الحسن : إذا ملك الأمة وغمزها بشهوة ، أو كشفها ، أو قبلها ، لا تحل لولده بحال . وأمر
مسروق أن تباع جاريته بعد موته وقال : أما إني لم أصب منها إلا ما يحرمها على ولدي من اللمس والنظر . وجرد
عمر أمة خلا بها فاستوهبها ابن له ، فقال : لا تحل لك .