(
واسألوا الله من فضله ) أي من زيادة إحسانه ونعمه . لما نهاهم عن تمني ما فضل به بعضهم ، أمرهم بأن يعتمدوا في المزيد عليه تبارك وتعالى . وظاهر قوله : من فضله العموم فيما يتعلق بأحوال الدنيا وأحوال الآخرة ، لأن ظاهر قوله : (
ولا تتمنوا ما فضل ) العموم أيضا ، وهو قول الجمهور . وقال
ابن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16861وليث بن أبي سليم : هذا في العبادات والدين وأعمال البر ، وليس في فضل الدنيا . وفي قوله : ( من فضله ) دلالة على عدم تعيين المطلوب ، لكن يطلب من فضل الله ما يكون سببا لإصلاح دينه ودنياه على سبيل الإطلاق ، كما قال تعالى : (
ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ) .
وقرأ
ابن كثير nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : ( وسلوا ) بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على السين ، وذلك إذا كان أمرا للمخاطب ، وقبل السين واو أو فاء نحو : ( فسل الذين يقرءون ) و ( فسلوا أهل الذكر ) . وقرأ باقي السبعة بالهمز . قال
ابن عطية : إلا في قوله : (
واسألوا ما أنفقتم ) فإنهم أجمعوا على الهمز فيه انتهى . وهذا الذي ذكره
ابن عطية وهم ، بل نصوص المقرئين في كتبهم على أن
واسألوا ما أنفقتم من جملة المختلف فيه بين
ابن كثير nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ، وبين الجماعة ، ونص على ذلك بلفظه
ابن شيطا في كتاب التذكار ، ولعل الوهم وقع له في ذلك من قول
ابن مجاهد في كتاب السبعة له ، ولم يختلفوا في قوله : (
وليسألوا ما أنفقوا ) أنه مهموز لأنه لغائب انتهى . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12430إسماعيل بن جعفر عن
أبي جعفر وشيبة : أنهما لم يهمزا وسل ولا فسل ، مثل قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي ، وحذف الهمزة في سل لغة
الحجاز ، وإثباتها لغة لبعض
تميم . وروى
اليزيدي عن
أبي عمرو : أن لغة
قريش سل . فإذا أدخلوا الواو والفاء همزوا ، وسأل يقتضي مفعولين ، والثاني لقوله : واسألوا الله هو قوله : من فضله . كما تقول : أطعمت زيدا من اللحم ، وكسوته من الحرير ، والتقدير : شيئا من فضله ، وشيئا من اللحم ، وشيئا من الحرير . وقال بعض النحويين : ( من ) زائدة ، والتقدير : وسلوا الله فضله ، وهذا لا يجوز إلا على مذهب
الأخفش .
[ ص: 237 ] وقال
ابن عطية : ويحسن عندي أن يقدر المفعول ( أمانيكم ) إذ ما تقدم يحسن هذا المعنى .